بيروت - لبنان

اخر الأخبار

18 شباط 2023 12:00ص نصر الله يؤكد ابتعاد التسوية الرئاسية

الانهيار اللبناني ليس مصلحة خارجية

حجم الخط

تُطرح اليوم مخاوف كثيرة ومتنوعة تتمحور حول خشية واحدة تتمثل في انهيار البلد أمنياً بعد انهياره الفعليّ إقتصادياً ومالياً وإجتماعياً.

مرد ذلك هو أساساً السقوط المضطرد للعملة الوطنية أمام الدولار الأميركي وما رافقه من ترددات حول نية لبعض القوى للانخراط في لعبة شارعية مؤذية تستهدف محور الممانعة ورأس حربته "حزب الله" بالتحديد.

وجاء كلام الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله في هذا السياق، ولكن بتصعيد غير مسبوق بنقل المعركة إلى الساحة الإسرائيلية ناهيك عن حلفائها الداخليين.

لكن لبنان المشرع على كل التدخلات وهو البالغ الهشاشة داخليا وعلى صعيد تركيبته الاجتماعية الطائفية، لا يتحمل حرباً جديدة، سواء داخلية أو خارجية عليه، فالوضع اليوم ليس شبيها بالماضي.

هناك فراغ خطير بالمؤسسات والأهم على هذا الصعيد الفراغ الرئاسي وإلى جانبه الوضع الحكومي غير السويّ والمختلَف أيضا على شرعيته تماماً كوضع المجلس النيابي المختلَف على دستورية جلساته حول تشريع الضرورة في ظل الشغور الرئاسي، بينما هو فعلياً في حالة تعطل سواء على صعيد انتخاب رئيس أم في موضوع التشريع.

هذا طبعا الى جانب أن الحرب الداخلية ليس هناك من يريدها في الخارج ومن هو مستعد لتمويلها. إضافة إلى نقطة هامة وهي أن لا أحد يريد للوضع اللبناني الحالي أن يتحول إلى حالة انهيار أمني وعسكري. يستوي في ذلك اللاعب الأميركي المُتهم من قبل جانب داخلي، كما اللاعب الإيراني المتسيد للمحور الآخر والمُتهم من الجانب المضاد.

فأي انهيار للوضع اللبناني سيؤدي إلى تعثر الرؤية الأميركية الغربية التي تقوم على عدم انفلات الوضع اللبناني وتدمره وانتقاله نحو الفوضى بما قد يقوي شكيمة "حزب الله" ومحوره.

ففي الماضي قبيل نشوب الحرب الأهلية كان الانهيار لصالح توريط المقاومة الفلسطينية وفرض التوطين، بينما اليوم الأمر مختلف لأسباب كثيرة يتعلق أحدها بخشية واشنطن على الأمن الإسرائيلي، والأهم، موضوع النازحين الذين يخشى الغرب الأوروبي من هجرتهم إليه وتهديدهم إياه ديموغرفياً وإقتصادياً وإجتماعياً.. هذا فضلاً عن الرغبة في حماية القوات الدولية في إطار "اليونيفيل" في الجنوب وعوامل أخرى منها محاولة الإدارة الأميركية حفظ موطىء لها عبر المؤسسات العسكرية والأمنية وعلى رأسها الجيش اللبناني والدليل المزيد من رعايته تمويلاً وتجهيزاً وتدريباً واليوم تريد واشنطن حماية هذه المؤسسة لحفظ نفسها لكي تتولى هي حفظ وحدة الأراضي اللبنانية..

لكن السياسة الأميركية تريد تضييق الخناق على "حزب الله" ولو كان الأمر على حساب الشرائح الكبرى من الشعب اللبناني في سياسة إقليمية تتعلق أيضاً بالموضوع السوري وطبعاً الإيراني، ومن المتوقع أن يشتد الكباش الحالي وسط سؤال من يخضع أولاً، ولناحية "حزب الله" وطريقة رده على التضييق الخارجي تقوم وجهتا نظر:

أولاهما تقول إن الحزب يبادر بهجوم مضاد عند التضييق عليه كما فعل هو ومحوره أكثر من مرة. ويحضر مثال بارز هنا في طريقة الرد على القرار 1559 في العام 2004 حين عمد اللاعب السوري إلى التمديد الفوري للرئيس اللبناني حينها إميل لحود ما شكل فاتحة أحداث كانت مفصلية في التاريخ اللبناني الحديث انخرط فيها الحزب بقوة. كما يحضر مثال آخر حول مواقف الحزب منذ العام 2011 مع بدء الأحداث السورية وانخراط الحزب فيها وكيفية تصرفه داخلياً..

في المقابل يشير البعض الى أن الضغط الكبير على إيران، التي تعاني أصلاً منذ مدة طويلة، من شأنه دفع طهران إلى تسوية مع واشنطن ومع السعودية. من دون أن يعني ذلك عدم أخذ مصالح لها في الاعتبار، لكن مع تقديم تنازلات من قبل المحور الذي تتزعمه طهران.

على أنه في الحالتين يبقى السؤال: هل سيعني ذلك لبنان وحده أم أن ذلك سيُسقط نفسه على المنطقة كرزمة واحدة من الحل؟

في قراءة لأحداث المنطقة ولموقف نصر الله الأخير، من الصعب الذهاب نحو التسوية المأمولة قريباً. فكل ما يحدث يشير الى ان التسوية بعيدة، هذا في أفضل الأحوال، أما في أسوأها، فإن الأمور ذاهبة الى صدام داخلي بين "حزب الله" وأخصامه في الداخل، وربما إلى حرب (صغرى ربما) جنوباً إنطلاقاً من تعطيل ملف ترسيم الحدود البحرية الذي جهدت الادارة الاميركية له طويلاً.. واتضح مع الوقت أنها شكلت مكسباً إسرائيلياً وفوزاً معنوياً للجانب اللبناني!