بيروت - لبنان

اخر الأخبار

13 كانون الأول 2023 12:00ص أحمد زين الوداعة.. ومناقبية المهنة

حجم الخط
قبل أيام قليلة، بلغني ان الزميل العزيز احمد زين الدين، دخل في مرحلة صعبة، فبادرت على الفور الى الاتصال به او بعائلته.. لكن الجواب المفجع أتى من ولده، بأن أباه غير قادر على التكلم.. فأيقنت عندها ان احمد، على وشك الذهاب الى دنيا أخرى، بعدما شبع قرفاً وغيظاً على هذه الدنيا الفانية..
لكن الزميل العزيز الأخ احمد زين  سبقه، وكلاهما يشتركان بالطيبة والطرافة والمهنية.
أتى احمد زين الدين الى المهنة من قرية «الجمالية» البقاعية، متمرداً على الانصياع لوظيفة مدرّس او حتى مزارع، مع العلم ان القرية تخص عائلته، وهم من عشيرة واحدة، تنتهي بالنسب الى جمال الدين..
تعرفت اليه صحفياً، أتى ليشغل سكرتير تحرير تنفيذي في جريدة «اللواء» وهو سبق وشغل رئيس قسم البلديات، تميز احمد بمناقبية مهنية نادرة، وصدقية، وقدرة على التكيُّف في اللحظات الاخيرة، مع احترام الخط السياسي للجريدة، التي احبها، واحتضنته، كما فعلت مع الكثيرين الآتين من الارياف القريبة والنائية، والباحثين عن مكان او مهنة يكسبون فيها لقمة عيشهم بعرق جبينهم.
تقلب احمد من محرر في قسم المناطق الى رئيس قسم المناطق والبلديات، نولى الملفات الانتخابية للبلديات ومجلس النواب لاكثر من دورة، فسجل حضوراً مهنياً مميزاً، ثم سكرتيراً تنفيذياً، وتحوّل مع الارهاق الذي اصابه، بدءاً من عينيه الى كاتب  سياسي، ومؤرخ لقوانين الانتخاب والحياة النيابية، وتاريخ المجالس، فوضع الكتب المتعددة، واصبح صديقاً لكثير من النواب والسياسيين..
تنقل احمد زين الدين، ذو الشهرة المتواضعة، والصيت الحسن في مؤسسات اعلامية عربية ولبنانية، مكتوبة ومرئية ومسموعة، من «أضواء اليمن» حيث ارتبط بعلاقة مميزة مع جناحي اليمن، ايام «جمهورية صنعاء»، و«جمهورية عدن». فاستضاف اللقاء والمناسبات، الاجتماعية في قريته الجمالية، حيث هناك الكرم ومحبة الضيف..
تميز احمد اضافة الى مناقبيته المهنية، بأنه كان كاتم الاسرار، وحافظ الود والبعيد عن النميمة والانانية الشخصية..
واشهد انني لم اسمع احداً من الزملاء او غيرهم يجرّح به او يتناوله بأي نوع من انواع الاساءات.
اسس اسرة، دأب على تعليمها ورعايتها، الى جانب ست محترمة لم تفارقه، لا في نجاحاته او عطاءاته، وحتى في تعثراته او امراضه..
عصف المرض الخبيث بجسم احمد، وصولاً الى اعضاء حساسة، فأقعده، وأعجزه، وهو النشيط، الذي لا يملّ او يتعب..
كان احمد يغادر الجريدة الى عمل آخر، طوعاً، ثم يعود.. هذه المرة لن يعود احمد زين الدين، لابتسامته، او تعلمه او حتى جسمه الهزيل.. اما قصصه واسراره مع الرؤساء والوزراء والنواب والزملاء، فلعلها رحلت معه ايضاً!