مروان جارودي
إذا حرق طفل إصبعه بالكبريتة بيبطل يمسكها... والحمار إذا أكل شي ما بيناسبه بيوقف يقرب منه... والنملة إذا في ريحة سبراي مُسّم ما بتقرب منه... والكلب ما بياكل قبل ما يشم ليتأكد ان الأكل جيد... والسمكة إذا شافت كلب بحر بتهرب منه... والعصفور ما بيقرب للناس مخافة من أذيتهم... والرضيع إذا حطت أمه ملح على صدرها بيفطم حاله وبيبطل يعيدها...
بس في ( بعض) المخلوقات من الشعب اللبناني ما فهموا ولا تعلموا من مآسي السلاح والتعصب والكراهية...
ولم يأخذوا عبرة من الحرب الأهلية المقيتة المدمرة لمصلحة دول أخرى...
ولم يفهموا ان الأوطان لا تُبنى إلّا بالمحبة والعيش الطبيعي وليس التعايش المصطنع المفتعل... والكلام الهادئ وليس بالشتائم والتحدّي والاستفزاز...
واحترام الرأي والرأي الآخر وليس اعتبار كل مخالف للرأي خائن وعميل ومأجور...
وحب لبنان كله من أقصاه الى أقصاه واعتبار كل شبر فيه هو وطن وليس فقط منطقتنا التي نعيش فيها...
متى ستتعلم هذه المخلوقات الهجينة المهجّنة ان استنساخ الحرب بتعابير بطولية مستنفرة مستفزّة مجنونة تستنهض التعصب والكراهية وترسم صورة انتصارات دونكيشوتية مزيفة كاذبة... ستدمرهم قبل غيرهم؟!...
ومتى سيفهمون انه وبعد كل قتيل سيشرب زعيمهم مع عدوه المفترض نخب الخلاص من رقم وليس أكثر... بانتظار رقم جديد يسقط ... ليشربوا نخبا جديدا... ثم بعد تعميم الخراب يجتمعون ويتعانقون ويتقاسمون غنائم ضحاياهم؟!...
في ذكرى ١٣ نيسان المشؤومة من حرب الآخرين على أرضنا... الحرب المبرمجة من سفارات سوداء خططت لخراب لبنان بمهارة واتقان... وانخرط فيها (بعض) من جيل آنذاك عن علم أو غير علم وكانت نتيجتها دمارا شاملا في كل المناطق وخاصة وعلى الأخص بيروت وأهلها الذي كان لهم في كل عرس قرص...
وفي النهاية اجتمعوا واوقفوا الحرب بالسلاح وشرّعوا وجود واستمرار زعماء الميليشيات وجعلوههم زعماء لأبد الآبدين آمين... كجائزة لهم... كلن يعني كلن... على ما ارتكبت أيديهم خلال ١٥ سنة من فظائع ومجازر...
الخوف كل الخوف من قطيع بهائم جديد الذي يعبد زعيمه قبل الله... ويحبه أكثر من نفسه ويعتبره إلها وقدسا من الأقداس ومستعد للانتحار من أجله وتقديم نفسه وعائلته وأهله وأحبابه وماله قربانا على مذبح مصالح السياسيين... الذين هم واتباعهم وورثتهم سبب بلائنا حتى اليوم...
في ١٣ نيسان ٢٠٢٤...
بعد نصف قرن من العذابات المتوالدة والمستنسخة... ومن فترة وبتمرّ... ومن مرحلة مصيرية... ومن حكم المافيات المسمّاة زورا زعامات ومن الخطوط الحمر التي يضعها رجال الدين لتغطية الفاسدين المفسدين...
يا ريت نفهم...
يا ريت نفهم...
يا ريت نفهم...