بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 تموز 2018 12:39ص المقاصد تدعوكم: فلنلبِّ النداء

حجم الخط
جمعية المقاصد هي في هذه الأيام، مدار الإهتمام الإسلامي عامة والبيروتي خاصة، وقد شهدنا مؤخرا مبادرات وتحركات متلاحقة لإحالة أوضاعها المتأزمة إلى غرفة العناية الفائقة حيث انطلقت تطورات تلك الأوضاع من احتجاجات دارت في إطار مدرسة خديجة الكبرى، أساتذةً وإداريين وأهالي طلاب تلك المدرسة، ومرورا بالبيارتة الذين يعتبرون المقاصد قبلتهم التربوية الأولى ومجال اعتزازهم وافتخارهم على مدى عقود عديدة تمتد في الزمن منذ ماية وخمسين عاما، حيث تنادى البيروتيون وشاركوا آنذاك من خلال الف وخمسماية مشترك بقيادة سماحة الشيخ عبد القادر القباني، رحمهم الله جميعا، وأسسوا وأطلقوا تلك الجمعية الرائدة، وها نحن، تلك الأجيال التي جاءت من بعدهم، نتابع افتخارنا واعتزازنا بهذه المؤسسة التي نمت مع الزمن بنجاح مستمر وبرعاية إسلامية وبيروتية عامة، أمنت لها على امتداد العقود، التمويل اللازم لخدماتها المتنامية على مدى الأيام بدءا بالميدان التربوي، وبجملة من الميادين الطبية والإستشفائية والرعائية المختلفة، وصولا إلى قمة الهرم في المرجعيات الممكنة الرائدة، ومع الأسف طاولتها مع الوقت وما زالت تطاولها الأوضاع الإقتصادية المستجدة باهتزازتها العنيفة، مما أوقع الصرح المقاصدي في أحرج وأقسى الظروف.
ومع الإشارة إلى معاناة الرئيس السابق على مدى سنوات طويلة في محاولات حثيثة من قبله وقبل مجلس أمناء الجمعية السابقين، ومع اشادتنا بتلك الجهود الكفاحية التي كانت تصل إلى علمي شخصيا من خلال اتصالات تلفونية عديدة تلقيتها، تُعرب عن قلقها وتخوّفها من النتائج المتوقعة، للعجز الذي تفاقهم مع الوقت في مالية المقاصد وكانت تلك الإتصالات تصلني شخصيا عن طريق الخطأ في بعض الأحيان، نظرا للإلتباس بين إسمي وإسم الأمين الآخر الذي لطالما تم الخلط بين إسمينا، ونتيجة لذلك، كانت بعض الهموم المقاصدية تُلقْى في سمعي، وكنت أنقلها إلى أصحاب العلاقة المباشرة وأتلقى من بعضهم جملة من التفسيرات والمعلومات التي لم تكن تدعو إلى الإطمئنان.
أذكر أنني مع زملائي في «تجمع بيروت» الذي لي شرف رئاسته، حيث دخلنا على الموضوع المقاصدي من خلال إطلالتين. الأولى كانت من خلال عشاء تكريمي أقمناه على شرف الرئيس الشهيد رفيق الحريري قبل استشهاده ببضعة أشهر. وأذكر أن هذا اللقاء قد تحوّل من خلال كلمة ألقيتها وتناولتُ فيها الشأن المقاصدي المُعاني من ديون كثيرة، أسفرت عن «وضعية تعثُّر» تفاقمت مع الوقت، وأذكر أكثر، كيف أن الرئيس الشهيد خصص جزءا كبيرا من كلمته في الحفل المذكور لتناول هذا الوضع بالذات، وأعلن في تلك الكلمة عن شطب ديون المقاصد لدى بنك البحر المتوسط، كما أعلن عن قراره بإجراء اتصالات لاحقة أدت إلى شطب بعض ديون المقاصد لدى بنوك أخرى وقد تجاوبت معظم تلك البنوك لاحقا، مع رغبته الكريمة آنذاك. 
والإطلالة الثانية كانت في الدعوة التي وجهها التجمع إلى رئيس جمعية المقاصد آنذاك المهندس أمين الداعوق قبل حوالي العام، وكانت مخصصة لاستعراض الشأن المقاصدي، وخاصة منه بعض أوضاعه المالية المتعثرة، فلمسنا جميعا من رد الرئيس المقاصدي، حجم الجهود المبذولة للنهوض بالوضع من قوله الصريح وتلميحاته المتحفظة ، وأشار آنذاك، وإلى كثير من المبادرات الخيرة التي توفرت للجمعية حتى ذلك الوقت، من الجهود التي قد تؤدي إلى إيجابيات من شأنها تحسين الوضع. وفي الحقيقة، إن كثيرين من الزملاء الحاضرين مزجوا نتيجة لكلمة المهندس الداعوق وشروحه، ما بين الإطمئنان والتحفظ، خاصة وأن ملامح المشاكل المادية كانت معلومة من بعضهم كما كانت في طريقها إلى مزيد من البروز مع انكفاءات حادة لغالبية الدول الخليجية عن متابعة مدّ المقاصد بالعون والمساعدة. 
وبعد: ومع التنويه الكبير بتدخل دولة الرئيس سعد الحريري وسماحة مفتي الجمهورية، ومع الإشادة بمبادرة دولة الرئيس الشيخ سعد الحريري وقراره بتمكين الجمعية من قبض بعض مستحقاتها من وزارة التربية، ومع الإشادة أيضا بجهود سماحة المفتي الشيخ عبداللطيف دريان الذي حوّل دار الفتوى إلى غرف عمليات لمعالجة مستجدات الشأن المقاصدي، فإننا ندعو مع جموع المهتمين والغيارى على جمعية المقاصد، إلى مسارعة إنقاذية لهذا الصرح البيروتي واللبناني الكبير ووضع الجمعية أمانة في أعناق أهم المسؤولين المسلمين في البلد، بدءا بدولة الرئيس سعد الحريري وسماحة المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان، ووصولا إلى كل أصحاب التمكّن والقدرة في المحيط الإسلامي والبيروتي على المساهمة في عملية الترميم والإنقاذ، وما يقال ويشاع حاليا بالشأن المقاصدي خاصة في وسائل التواصل الإجتماعي هو في معظمه بمثابة صرخة تحذير وتنبيه، (مع التحفظ تجاه بعض المواقف المتطرفة والمسيئة، وربما عن غير قصد) ومع هذا الطرح، نكرر مع المسلمين في لبنان عموما وفي بيروت خصوصا، تلك المناشدة التي تجيء في هذا الوقت الصعب: إنها المقاصد، المتجذرة في تاريخنا البيروتي والإسلامي في هذا البلد. إنها المقاصد وعمرُ تأسيسها يعود إلى قرن ونصف سالف من الزمان لعبت دورا هائلا في نهضة بيروتية وإسلامية ووطنية دامت عشرات السنين ورافقت تطور أبنائنا علميا وثقافيا وتربويا وطبيا، وما تزال، رغم كل العثرات التي فرضتها الظروف القاسية، وكانت في الواقع الملموس، مدار اعتزاز البيروتيين وافتخارهم. إنها المقاصد، تلك الرّاية التي حملها أبناء هذا الوطن فكانت نِعْمَ الرمز والفعل والعطاء المثمر، ومن خلال هذه الكلمة التي لطالما أطلقناها من القلب والوجدان والحرص على مصير أهم صروحنا العلميّة والتربوية والإجتماعية والروحية، ندعو أخوتنا من أبناء وأحفاد أولئك البيروتيين والمسلمين، الذين كان لهم فضل إنشاء هذه المؤسسة الكبرى وتعزيزها وتطويرها، ندعوهم، وبشكل خاص، ندعو أهل المقدرة السلطوية والمادية والمعنوية، منهم، إلى القيام بالواجب الذي حرص عليه آباؤهم وأجدادهم، فبيروت بمواطنيها وبعض مسؤوليها، هي في طليعة من يلبي نداء الخير والعطاء وإحياء مؤسسة كبرى لا تستأهل إلاّ تمكينها دائما وأبدا، من متابعة مسيرة النجاح والتفوق، ونختم بتذكير بعض الدول الخليجية وفي طليعتها المملكة العربية السعودية بمبادراتها وأفضالها التي سبق أن أمدت الجمعية بها طوال سنوات خلت، وكلنا ثقة بأن هذه المبادرات ستعود بإذن الله. 
 
المحامي محمد أمين الداعوق
daouknet@idm.net.lb