بيروت - لبنان

اخر الأخبار

19 آذار 2022 08:15ص (الملك فيصل) والصلاة في القدس

حجم الخط

المجهول هو المعلوم الوحيد في المنطقة والعالم بعد اوكرانيا نتيجة هول وكثافة التحولات والتحديات والويلات التي بدأت تهدد الاقوياء قبل الضعفاء، في حين ان لبنان يعاني من فقدان القامات والعقول الكبيرة والارادات الوطنية القادرة على تحويل الازمات الى فرص، كتلك النخبة اللبنانية التي استطاعت قبل مئة عام تحويل مأساة المجاعة والموت على الطرقات الى وطن كبير ودولة لديها اسباب الحياة والنجاح، وبعد مئة عام عادت المجاعة الى لبنان والموت على الطرقات  نتيجة هيمنة رموز ثقافة القتل والاغتيال والفساد والاستتباع والاستقواء بالغرباء على الشركاء والعبث بأسباب الوحدة الوطنية ومستقبل لبنان.

المجتمع الدولي بعد اوكرانيا يشهد كثافة في الاجتماعات والمؤتمرات السياسية والعسكرية والاقتصادية والامنية في محاولة لمعالجة حماقات التذاكي والتكاذب والسياسات ذات ثنائية المعايير التي قوضت مصداقية قواعد ومبادىء ميثاق الامم المتحدة وشرعة حقوق الانسان، وتلك المؤتمرات المكثفة والمراجعات تجعلنا نعتقد بأننا امام بشرية جديدة وقيم جديدة تحترم التوازن بين مجتمعات الانتاج والاستهلاك مما يستدعي تكوين ثقافة جديدة وإعلام يستطيع محاكاة العالم الافتراضي بعد كورونا واوكرانيا  في القرية الكونية الافتراضية التي اصبحت قرية واقعية حقيقية شديدة التداخل والتواصل الاجتماعي.

 القوى العظمى باتت تعرف بانها تحتاج الى مضمون انساني ومعرفي يعيد الثقة والسكينة الى القرية الكونية والتخلي عن السياسات الثنائية المعايير التي تسببت بتعاسة واستعباد الاكثرية المطلقة من شعوب ودول العالم المنضوية تحت اوهام ميثاق الامم المتحدة، ومنطقة بلاد الشام هي النموذج الامثل لاوهام الامم المتحدة  على مدى ٧٥ عام منذ تصويت الجمعية العامة على القرار ١٨١ عام ٤٧ على تقسيم فلسطين الى دولتين، حيث قامت الدولة الطارئة وابيدت الدولة الفلسطينية الحقيقية واستباحت اسرائيل كل بنود ميثاق الامم المتحدة وقرارتها على مدى خمسة وسبعين عاما بالمجازر والاحتلالات وانتهاك شرعة حقوق الانسان في دول ومجتمعات بلاد الشام.

  استخدام سلاح الطاقة في اطار العقوبات على روسيا يذكر بالتحولات العالمية التي احدثها استخدام الملك فيصل سلاح النفط في حرب ٧٣ والتي جعلت العالم يشعر للمرة الاولى بعمق الاثار السلبية لسياساته الثنائية المعايير، ونتيجة قرار الملك فيصل تحول منتدى دافوس الاقتصادي من اوروبي في مواجهة اميركا الى منتدى دولي بعد انضمام اميركا اليه لمواجهة تداعيات استخدام سلاح النفط، وعام ٧٣ شهد زيارة الرئيس نيكسون الى الصين واطلاق سياسة الوفاق الدولي التي اسست لانهيار الاتحاد السوفياتي وصعود الصين وبعد حرب ٧٣ صدر القرار ٣٣٨ الذي اكد على عملية السلام والتي ادت الى ذهاب ابو عمار الى الامم المتحدة ورفع غصن الزيتون.

  التحركات العالمية اليومية مكثفة ومتنوعة ناهيك عن تطوراتها العسكرية الميدانية، لكن المفاوضات في تركيا بين وزراء خارجية روسيا واوكرانيا كانت محل متابعة واهتمام والمسبوقة بزيارة رئيس اسرائيل الى تركيا، رئيسة الدورة الحالية لمنظمة التعاون الاسلامي، وذلك بعد زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي الى روسيا، وقبل زيارة وزراء خارجية قطر وايران الى موسكو وبالتزامن مع دعوة رئيس اوكرانيا الى مفاوضات مباشرة تجمعه مع الرئيس الروسي في القدس، وقبل الزيارة الاستثنائية لرئيس وزراء بريطانيا الى السعودية وابوظبي للحديث عن ضرورات زيادة انتاج النفط والتي ذكَّرت بزيارة هنري كسينجر الى السعودة عام ٧٣ للتمني عليها باعادة ضخ النفط فكان جواب الملك فيصل على طلب كيسنجر (انا رجل طاعن في السن وامنيتي ان اصلي ركعتين في المسجد الاقصى قبل ان اموت، فهل تساعدني على تحقيق هذه الامنية)؟


ahmadghoz@hotmail.com