بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 شباط 2024 12:00ص «الديسلاكسيا» إضطراب لغوي يظهر في القراءة والكتابة

أسبابها الأساسية تكمن في الجهاز العصبي أسبابها الأساسية تكمن في الجهاز العصبي
حجم الخط
«الديسلاكسيا» ليست صعوبة بل أكثر، هي إضطراب أي ما هو أكبر من الصعوبة لكنها غير مكتسبة،هي صعوبة لغوية بشكل أساسي وطبعا لها أسبابها ومؤشراتها .

حبيب

لتسليط الضوء على هذا الموضوع ومعرفة الأسباب،العوارض وسبل العلاج، التقت «اللواء»أيضا إختصاصية العلاج النفسي الحركي لولوة عبد الصمد،فكان الحوار الآتي:

 الأسباب

{ بداية، ما هي أبرز الأسباب؟
- أسبابها الأساسية تكمن في الجهاز العصبي وتحديدا لناحية الشمال في الدماغ المسؤولة عن اللغة ،حيث يكون هناك صعوبة في الأصوات وليس بالشكل. 
نحن نعتقد أن القراءة والكتابة عبارة عن أشكال لكن الحقيقة أن الصوت هو الذي يأتي من الشكل ،وبالتالي «الديسلاكسيا» هي عبارة عن إضطراب لغوي يظهر في القراءة والكتابة وخاصة في قراءة الكلمات المنفردة .
أما أسبابها فغالبا تكون عضوية ،بالإضافة إلى الناحية الوراثية التي هي من أكثر العوامل  التي تتسبب بالإصابة في «الديسلاكسيا».

العوارض

{ كيف تظهر العوارض لدى الأطفال؟
« هناك بعض الأطفال في الصغر «يشقلبون» الكلمات أي بدلا من أن يقول ذهبت للطبيب كي يفحصني يقول:« كي يحفصني»،ممكن أن يشقلب الأصوات في كلمة ،ممكن أن يضيع في الإتجاهات والتسلسل،أن يرتدي حذاءه بالمقلوب.
هناك مؤشرات عديدة تترافق مع التأخر اللغوي بحيث تكون المفردات ضعيفة نتيجة ضعف الذاكرة ولا سيما أن جزء من «الديسلاكسيا» هو مشكلة في الذاكرة.
كذلك يكون لديه صعوبات في حفظ أغاني الأطفال، وإن لعبت معه لعبة ترتكز على الأصوات وطلبت منه مثلا أن يعطيك كلمة تبدأ بحرف ال أ فأنت بذلك تطلبين منه المستحيل.
طبعا هذه الصعوبات يشعر بها الأهل الواعون كما تشعر بها المعلمات في الصفوف التمهيدية .

 صعوبة غير مرئية

{ متى باستطاعتنا ان نجزم بأن الطفل مصاب بـ«الديسلاكسيا»؟ 
- المسألة تتوضح على الأغلب في المرحلة الإبتدائية أي حين يبدأ الطفل في القراءة .
تجدر الإشارة إلى أن «الديسلاكسيا» هي صعوبة غير مرئية لأن المشكلة ليست واضحة ولا سيما أنك تلتقين بطفل ما وتجدينه شديد الذكاء لكن ما أن تتحدثين معه تجدين أنه لا يستطيع أن يقرأ كلمة، والمؤسف أن الأهل أحيانا يعتقدون بأن هذا الطفل يتكاسل، وبالتالي يغضب عليه الأهل والأساتذة.
وهنا لا بد من أن أشير إلى أن طفل «الديسلاكسيا» ذكي جدا ومن الممكن أن يحفظ الجملة وأن يسمعها لأهله «كرجة مي» لكنك لا تستطيعين أن «تقفريه» إلا عندما يقرأ كلمة منفردة ولا سيما عندما تأتي كلمات جديدة فجأة.
{ لمن الأولوية في اكتشاف «الديسلاكسيا» لدى الطفل:الطبيب،الأهل أم المدرسة؟
- طبيب الأطفال برأيي بعيد عن هذه المسألة ،الأولوية برأيي تتراوح ما بين الأهل  والمدرسة .»

المتابعة ضرورية

{ كيف يمكننا أن نتأكد أن الطفل مصاب بالـ«الديسلاكسيا»؟
- علينا أن لا نتجاهل الإضطرابات والعوارض التي يقوم بها الطفل، طبعا ليس بالضروري أن يكون كل طفل مصاباً بالـ «الديسلاكسيا» لكن هنا المتابعة ضرورية للتأكد ربما كان يعاني من اضطراب آخر كفرط في الحركة مثلا أو غير ذلك...
وهنا لا بد من ألفت إلى أن هناك بعض الأهل المثقفين  الذين لا يتقبلون فكرة إصابة ولدهم سواء بالـ«الديسلاكسيا» أو غيرها ،الأمر الذي يؤدي إلى تفاقم وضع الطفل.
والأهل عندما يأتون إليَّ أكون بالنسبة إليهم آخر محطة بعد أن يكونوا قد قطعوا عدة مراحل ومحطات إلى أن اقتنعوا بأهمية البدء بالعلاج كونهم شعروا بالخطر.»

الذكور أكثر عرضة؟

{ هل الذكور عرضة للإصابة بـ«الديسلاكسيا» أكثر من الإناث؟
- في المبدأ الذكور أكثر عرضة للإصابة ،لكن هناك رأيين،ألأول يتمثل بالرأي البيولوجي  الذي يشير إلى أن الذكور يصابون بطبيعتهم كونهم أضعف في هذه المرحلة العمرية، وبالتالي هذه المشاكل تظهر لدى الذكور أكثر.
وفي المقابل هناك رأي آخر يشير إلى أن الذكور يلفتون النظر أكثر من غيرهم بينما الفتاة لا تلفت النظر بنفس النسبة.
على سبيل المثال إذا قمنا بإحصاء في لبنان والعالم العربي تجدين أن نسبة السيدات المصابات بالإكتئاب أكثر بكثير من الرجال لكن في الحقيقة أن الواقع يطرح السؤال التالي :من يذهب إلى الطبيب النفسي؟ الرجل لا يأخذها على نفسه، لذلك نجد أن نسبة السيدات تكون مرتفعة أكثر لكن ربما الواقع يكون مغايرا .

فحوصات محددة

{ كيف يمكننا التأكد من إصابة الطفل بـ«الديسلاكسيا»،هل من فحص معين؟
- في عملنا نضطر إلى القيام بالعديد من الفحوصات كي نلغي خلالها عدة إحتمالات ،ويكون الأهل قد سبق وأن قاموا بالفحص البصري والسمعي ...وتأكدوا أن ليس هناك من مشكلة عضوية أو حسية حينها نقوم بفحص للقدرات لدى الولد منها إختبار الذكاء بعد ذلك نقيم المستوى الدراسي .إذا وجدنا أن هناك ضعف في القراءة والكتابة ندخل حينها في فحوصات محددة لل «ديسلاكسيا»كي نتعرف إلى نوعها وحدتها .
وهنا لا بد من الدقة ،فأنا بإمكاني أن آخذ شخص يعاني من تأخر ذهني وأخضعه لفحص «الديسلاكسيا «بالتأكيد سأعتبره مصابا بال «ديسلاكسيا» لكن حين أضعه في سياق متكامل أجد أنه ليس مصابا بالـ«الديسلاكسيا».
 لذلك يجب أن يخضع الشخص لعدة فحوصات تتكامل مع بعضها البعض لتقيّم ما إذا كان هذا الطفل مصابا، وهنا الصعوبة وأهمية التقييم لمعرفة ما إذا كان هذا الطفل مصابا فعليا بال «ديسلاكسيا» أو باضطراب آخر.
طبعا كلما اكتشفت المسألة بشكل مبكر كلما كانت النتيجة أفضل،لدرجة أن هناك بعض الأطفال الذين يمسون يقرأون أفضل من رفاقهم لأنهم يدخلون أكثر في تفاصيل وقواعد القراءة».

العلاج

{ كيف يتم العلاج؟
- في مجالنا ليس هناك من دواء،العلاج يتم عبر جلسات يقوم بها المعالج الأخصائي من خلال البرنامج الذي يستخدمه.طبعا هناك طرق متعددة للعلاج تعتمد على برامج واضحة مدعومة بالأبحاث.
{ ما هو عدد الجلسات المطلوب للوصول إلى نتيجة علاج مرضية؟
- إذا كان هناك من إمكانية للقيام بالجلسات بشكل يومي ممتاز،لكن إن لم يكن بمقدور الأهل القيام بذلك فيجب أن تكون الجلسات مرتين أو ثلاث كأقل تقدير لنيل النتيجة المطلوبة.نأمل أن يصبح الحل موجودا ضمن المدرسة لأننا بذلك نستطيع ان نعمل مع الطفل وبشكل يومي قدر المستطاع لأن تكثيف الجلسات يفيد جدا في العلاج.»
{ هل هناك مدارس معينة تهتم بهذه الحالات؟
- بعا هناك العديد من المدارس الخاصة التي تستقبل مثل هذه الحالات،لكننا نأمل أن يكون هناك أيضا دور للمدارس الرسمية في هذا الموضوع لأن ليس باستطاعة كافة الأهالي إدخال اولادهم إلى المدارس الخاصة التي تعنى بهؤلاء الأولاد.»
لذلك من الضروري على الأهل لدى ملاحظتهم لأي عارض لدى ولدهم أن يستشيروا الأخصائي المختص لمعرفة ما إذا كان ولدهم مصاب بالـ«الديسلاكسيا» أو ربما بأي نوع من الإضطرابات الأخرى، لا أن يصرخوا في وجهه لاعتقادهم بأنه يتكاسل ولا سيما أن مرحلة التكاسل لا تأتي عادة في الصغر بل في المراحل التعليمية اللاحقة.»