بيروت - لبنان

اخر الأخبار

26 كانون الثاني 2024 12:04ص المسلسلات التركية تقتحم البيوت وتتحول لهوس لدى الكثيرين

المسلسلات التركية تهيمن على الساحة اللبنانية المسلسلات التركية تهيمن على الساحة اللبنانية
حجم الخط
ظاهرة إنتشار المسلسلات التركية ليست ظاهرة جديدة على المشاهد اللبناني فقبلها في الستينات والسبعينات أسرت مسلسلات أجنبية عقول الكثير من اللبنانيين ،وتحول مسلسل «داينيستي»على سبيل المثال إلى بطل السهرة في منازلهم ،واحتل مساحات عقولهم في الليل والنهار .
...واليوم يقتحم مسلسل «اخوتي» و«ملك» وغيرهما من المسلسلات التركية معظم البيوت، تغزو لبنان بطريقة جنونية ،مثلما سبقتها من قبل المسلسلات المكسيكية.
لم تعد هذه الظاهرة مجرد رغبة في مشاهدة هذا المسلسل أم ذاك، بقدر ما تحولت إلى هوس حقيقي عند الكثيرين ومن كل الطبقات .
ولا شك أن انتشار الفضائيات والمحطات التلفزيونية بالشكل الذي نشهده اليوم ساهم ويساهم في تقديم هذه «الوجبة» من الحلقات التي تبدأ ولا تنتهي لتحولها إلى «مادة أفيونية»يدمن عليها المشاهدون بطريقة جنونية.
إنها ظاهرة تتكرر بين زمان وزمان ،لكنها اليوم مع هذا النوع من المسلسلات أخذت تتحول إلى غزو فني وثقافي حقيقي ، أو مادة مخدرة لاحتلال عقول الكثير من اللبنانيين وشلّ وتعطيل اهتماماتهم الأخرى أو ثنيهم عن القيام بواجباتهم وأعمالهم .
نساء «ربات منازل» يستيقظن على مشاهدة حلقات هذا المسلسل أو ذاك ويقفون على مسلسل آخر، حتى أن بعضهن  يكسر الأرقام القياسية في مشاهدة أكبر عدد من المسلسلات بمعدل يفوق الساعات العشر يوميا .
رجال ونساء يتشاركن السهر على مشاهدة هذا المسلسل أو ذاك حتى وقت متقدم من الصباح ، وآخرون لا يفوتون حلقة حتى ولو اضطروا إلى مشاهدتها في أمكنة أعمالهم .
باختصار، إنه غزو حقيقي يكاد يكتسح كل مساحات مجتمعنا بطريقة مضحكة مبكية في آن معا . 
صحيح أن برامجنا ومسلسلاتنا تستعيد حضورها تدريجيا إلا أن ظاهرة المسلسلات التركية ما تزال تهيمن على الساحة ، فارضة إيقاعا خاصا على المشاهدين ، في ظل هذا «الإنفلاش» الكبير على كل شيء تافه أو ثمين في آن معا .
يكفي القول أن هذا النوع من المسلسلات يبدأ ولا ينتهي ...فهل ستتحول هذه الظاهرة إلى مسلسل مشابه أم نتحرر من هذه الظاهرة؟
«اللواء» التقت عددا من متتبعات هذه المسلسلات لمعرفة سبب تعلقهن بها ، فكانت اللقاءات التالية:

  شغف كبير         

جميلة بيضون تتابع المسلسلات التركية بشغف كبير ،تقول:«الحقيقة أن هذه المسلسلات أعادتنا للزمن الجميل ونحن نقبل عليها نظرا لقربها من واقعنا فأحداثها الدرامية طبيعية بسيطة كما أن الدبلجة لهجتها محببة ومبسطة بحيث تشعرين كأنك تتحدثين مع جارك أو أخيك .
في البداية كنت أستغرب تعلق الناس بهذه المناسبات إلى أن بدأت متابعتها من خلال برنامج «التفاح الحرام «حيث أعجبت ليس فقط بأحداث المسلسل بل أيضا بالأزياء والأكسسوارات التي كانت ترتديها الشخصيات النسائية ،هذا بالإضافة إلى جمال «الديكور».
وها أنا اليوم أكرس كامل وقتي بعد الإنتهاء من العمل المنزلي لمتابعة المسلسلات التركية فأبدأ من الثالثة بعد الظهر لأنتهي عند التاسعة مساء ولا أغادر شاشة التلفزيون إلا في حال اضطررت للقيام بزيارة معينة لقضاء واجب.»

نافذة ضوء

لور فران بدورها تشاهد المسلسلات التركية كونها تبعدها عن كافة ما نعيشه من أزمات ،تقول:«هذه المسلسلات باتت متنفسنا الوحيد، فهي بمثابة «الأوكسيجين» الذي نعيش به . 
كل ما يحيط بنا محبط  فنحن نعيش في زمن اليأس والقهر والقلة وهذه المسلسلات ما هي إلا نافذة ضوء تنقلنا إلى واقع جميل ملؤه الحب والأحداث الدرامية المشوقة التي تجعلنا ننتظرها يوما بعد يوم فنشعر بأن  هناك  ما ننتظره في اليوم التالي .
كما أن هذه المسلسلات تضفي لنا نوعا من الوعي الإجتماعي الذي جعل الكثير من النساء يتسلحن بالقوة ويدافعن عن حقوقهن .
كثير من الأشخاص يستغربون سبب تعلقنا بهذه المسلسلات، لذلك هنا لا بد من أطرح السؤال الآتي :لماذا الإستغراب  ونحن في حالة انعدام للدراما اللبنانية؟! وإن صادف وشاهدنا مسلسلا لبنانيا معينا يكون دون المستوى المطلوب .
كفانا تهكما لهذه المسلسلات وقبل أن نشرع الإنتقادات يمينا وشمالا لنحسن الأوضاع المعيشية ولندعم الدراما اللبنانية حينها نحول دون متابعة المسلسلات التركية .

 تسلية وتمضية للوقت

سعاد كالو تحرص على متابعة مسلسل «ملك» وتعتبر أن لا بديل عنه،تقول:« نحن اليوم نتابع  مسلسل «ملك» الذي يطرح قضية حضانة الأم لأولادها وكيفية مواجهتها لمرضها دون استسلام وبكل جرأة.
هذه القضية التي تطال غالبية مجتمعاتنا العربية،وذلك بتحليل نفسي دقيق ،فالشخصيات الدرامية متقنة وكلّ يلعب دوره بتميز .
أما سبب تعلقي بالمسلسلات التركية فهو نوع من التسلية وتمضية الوقت خصوصا وأن هذه الوسيلة لا تتطلب صرف المال وهي مجانية لأن التلفزيون موجود في المنزل بينما باقي وسائل الترفيه سواء المسرح او السينما ...فهي تتطلب دفع ثمن بطاقات الدخول الذي بات باهظا جدا .هذا بالإضافة إلى أن هذه المسلسلات تطرح مواضيع قريبة من واقعنا وليست بعيدة عنه كغيرها من المسلسلات التي لا تمت للواقع بصلة.

 سيدة أعمال

جويل دمياطي أم لولدين تؤكد بأن هذه المسلسلات تشكل نوعا من الإسترخاء والراحة لها بعد عناء يوم طويل ،تقول:«ما أن أنهي واجباتي المنزلية وإثر عودة ولدي من المدرسة أسارع إلى تدريسهما لآخذ بعد ذلك محطة من الإسترخاء، فأجلس أمام شاشة التلفزيون لأعيش مع المسلسلات التركية التي تنقلني إلى عالم آخر ولا سيما مع أحداث «التفاح الحرام» فأشعر للحظات كما لو أنني سيدة أعمال .
في الماضي كنا نعيش نوعا من الفراغ بينما اليوم أصبح لدينا ما نملأ به هذا الفراغ من خلال تعدد المواضيع التي تعرضها هذه المسلسلات التركية التي نأمل بأن لا تنتهي على الإطلاق.