بيروت - لبنان

اخر الأخبار

27 تشرين الثاني 2019 12:00ص طرابلس «عروس الثورة» تنبض بالحياة

حجم الخط
  • الفري: نمرّ بمرحلة دقيقة تستوجب الوعي
  • كبارة: الفقر والجوع سبب إختيار طرابلس عروساً للثورة

منذ شهر وبضعة أيام وثورة الشعب قائمة في كل الساحات، هي ثورة ضد الفساد والمصالح الشخصية للسياسيين والذين عاثوا فسادا في كل القطاعات حتى أوصلوا الشعب الى الطريق المسدود والذي دفعهم للنزول الى الشارع والمطالبة برحيل السلطة كل السلطة بهدف استعادة الحياة في لبنان.

هم نزلوا الى الشارع بطريقة عفوية، وربما قد أقفلوا على السياسيين كل مسرب لتنفيذ مخططاتهم قبل لجوئهم لاقفال الطرقات، ولهذا تمت محاربتهم بشتى الوسائل وليس أهمها اتهامهم بالارتهان للسفارات والتي تمولهم، في حين أن الثوار الذين عانوا من مشكلة انعدام الدولار من الأسواق ومن ثم تهديدهم بفقدان البنزين وربطة الخبز وكل الضغوطات التي مورست عليهم في الفترة التي سبقت نزولهم للشارع كانت سبباً حقيقيا لا شك فيه، ومن يجول على الساحات يتلمس مدى المساعدات التي يقدمها البعض من ماله الخاص بهدف دعم الثوار، وكيف لا يكون ذلك والكل متضرر من الوضع الغني والفقير، اذاً هي ثورة حقيقية صناعة لبنانية «صناعة شعبية بامتياز».

والملفت أن هذه الثورة أعادت لمدينة طرابلس وجهها الحقيقي، وجهها النضالي القائم على العيش المشترك والبعيد كل البعد عن الارهاب والتطرف والذي اتهمت بهما منذ سنوات، طرابلس بوجهها الحقيقي باتت «عروسة الثورة» والتي ان سعى البعض الى شيطنتها فلا بد أن تنال طرابلس نصيبها الأوفر كما جرى على مر السنوات الماضية.

اليوم في ساحة النور، ينشط العديد من الجمعيات المدنية والأهلية فضلاً عن الناشطين السياسيين وكل الثوار الذين يتابعون أدق التفاصيل ومنهم الناشط الدكتور فوزي الفري والناشط طلال كبارة والذين يحرصون على التواجد الدائم في الساحة لمتابعة شؤونها وشجونها فبماذا يصرحون خلال الندوة التي نظمتها جريدة «اللواء» في مكتبها بطرابلس؟

الأسباب الحقيقية لاندلاع الثورة

ابن مدينة طرابلس الدكتور فوزي الفري الأستاذ المساعد في جامعة البلمند والناشط في المجتمع المدني والأهلي قال: «أحوال طرابلس المأساوية كانت سببا وجيها لاندلاع الثورة فيها، وأذكر أنه قبل اندلاع الثورة انطلقت تظاهرتين في طرابلس جابتا شوارع المدينة وتوقفت عند بعض منازل النواب وأطلقت الشتائم بحقهم كوّن طرابلس منكوبة بعد سلسلة من جولات العنف والتي لم يستتبعها أي مشروع إنمائي بل بالعكس استشرت البطالة وساد الفقر، بداية انطلقت الثورة بشكل عفوي حتى ان بعض التابعين لأحد السياسيين وتحديدا النائب فيصل كرامي كانوا معنا في الساحة لكن سرعان ما اختفوا مع اطلاق الهتافات «كلن يعني كلن»، وتابعت الساحات نضالها طبعا بعدما خرج علينا من يقول لنا «ما بدنا تسمعونا أصواتكم»، ومن قال «لماذا الحرائق في المناطق المسيحية» لتختتم هذه السلسلة بخطاب الوزير جبران باسيل والذي هدد بقلب الطاولة، أعتقد بأنهم فشلوا بمخططاتهم مع اندلاع الثورة التي انطلقت بعدما «طفح الكيل» ووصلنا الى ما نحن عليه اليوم من حراك فعلي وطني وبوصلته تسير بالاتجاهات الصحيحة بفضل بعض الناس الحكماء الموجودين في الساحة، أشير الى ان ساحة النور تضم اليوم ثوارا كانوا تحت عباءة السياسيين لكن بسبب إحباطهم من كثرة الوعود انضموا للساحة».




وهنا يستطرد الدكتور الفري ليقول: «بعد الانتخابات النيابية فان مجموعة من الناس والتي كانت تعمل تحت غطاء سياسي أو تمويل سياسي حرموا منها جراء اقفال مكاتب السياسيين أو المستوصفات التابعة لهم وبالطبع الأمر انعكس على المجتمع، فضلاً عن صرف بعض المؤسسات الخاصة لموظفيها، أما المحفز الأساسي للثورة فكان من قبل التجار الذين أفلسوا وأقفلوا محلاتهم مما يعني المجتمع برمته بات مستعداً للانفجار بمختلف طبقاته».

وتابع: «الرئيس عون أتى بقرار سياسي من حزب الله ولا يستطيع الاستقالة الا بقرار منه، وهنا فان حزب الله هو المعني برحيل العماد عون والذي ينفذ الاتفاق القائم بينه وبين حزب الله كما ويؤمن الغطاء المسيحي للحزب وسلاحه، أما كيف الطريقة لرحيله؟ هناك عدة خيارات اما بالتنحي أو بالاسقاط أو عن طريق انتاج طبقة سياسية جديدة في المجلس النيابي تتخذ القرار بابعاده، وهنا مكمن الخلاف الأساسي».

من جهته الناشط السياسي طلال كبارة قال: «برأيي أن السحر انقلب على الساحر، السلطة كانت تسعى لموضوع والثورة ألغت مخططاتهم، الحقيقة انه وعلى مساحة الوطن الناس في حالة تعب شديد جراء الأوضاع الاقتصادية السيئة، اليوم المرأة خرجت للثورة وهذا مؤشر للوضع الصعب والأوجاع الكبيرة، مشاكل الدولار بدأت قبل الثورة كذلك أزمات البنزين وحتى رغيف الخبز كلها أمور دفعت بالناس نحو الشارع جراء افلاس البلد، طبعاً مصلحتهم تقتضي رمي المسؤولية على الشعب المنتفض، والذي تعب من الجوع ومن عدم قدرته على تعليم أولاده ومن ثم تأمين الوظائف لهم».



وتابع: «منذ ثلاثين سنة والسياسي يتحكم بمفاصل البلد ويجاهر بالسرقات والفساد، هم يتهمون بعضهم البعض، وهنا نطرح مثلاً الرئيس فؤاد السنيورة ذهب للتحقيق بيد انه لم يتوقف، مع العلم ان أي مواطن يتم توقيفه بشكل احتياطي على أقل مشكلة مما يعني عدم الجدية في التعاطي، اليوم مطالب الشعب في مكان والسياسي يسعى في مكان آخر، وهنا نحن نتساءل عن تعنت رئيس الجمهورية والذي يعتبر نفسه بي الكل؟ الشعب قال كلمته فليرحلوا جميعهم».

ورداً على سؤال يقول كبارة: «الشعب طالب رئيس الجمهورية بالرحيل، فطلب منهم الالتفات الى ماضيه، وبالفعل نحن نسأل عن ماضيه؟ كانت ساعة شؤم يوم استلم الحكم، وما الاتفاقية المعقودة بينه وبين الرئيس الحريري التي أوصلته للرئاسة ليست الا مصالح شخصية ورأينا كيف تم التغطية على الفساد والمفسدين».

وتابع: «الجيش اللبناني أهلنا ونحن نحترمه ونجله بعكس السياسيين والذين نرفضهم بالكامل حتى اننا نرفض استقبالهم عبر شاشات التلفزة كوننا نرفض أي حل يتقدمون به، البلد تضم الكثير من الفئات الشبابية المثقفة والرجالات الواعية فلتعط الفرصة لهم لتشكيل حكومة يكون من شأنها الخروج من هذا المأزق والدعوة الى انتخابات نيابية مبكرة ومن زرع نبتة صالحة في البلد من هؤلاء السياسيين يعود للسلطة، مع العلم بأنهم يتمسكون اليوم «بالكرسي» لدرايتهم التامة بعدم قدرتهم على العودة».

طرابلس «عروسة الثورة»

وعن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء تسمية طرابلس «عروس الثورة» يقول الدكتور الفري: «برأيي أن طرابلس هي عروسة لبنان نظراً لمكوناتها وعراقتها وارثها الثقافي وحتى تنظيمها المدني كلها صفات تجعل منها الأفضل بين كل المدن اللبنانية، أعتقد بأن من أظهر طرابلس «كعروس» هم أنفسهم الذين أطلقوا عليها لقب الارهاب والتطرف وهنا أقصد الاعلام بشكل خاص، أما لماذا؟ فأقول بأن اطلاق لقب «عروس الثورة» انما يخيفني كابن هذه المدينة، ففي الجولات القتالية قمنا كمجتمع مدني بالكثير من التحركات بهدف رفض الصبغة المسيئة لنا، بيد انه لم يتم الاضاءة علينا، للاعلام مصالح يخدمها قد تكون تمويلية أو اعلامية خلال مناصرته لقضية معينة أو سياسية، لكن في كل الأحوال طرابلس رأس حربة ليس اليوم فقط وانما في السابق ومن هنا تنبع مخاوفي، حينما يريدون ضرب الثورة فلا بد أن تكون الضربة على الرأس وطرابلس هي الأساس، ونحن لطالما كنا مكسر عصا، وما من جهة تدافع عن أحوالنا ولا حتى السياسيين الموجودين في البلد». وتابع الفري: «اليوم الطبقة السياسية مع بعضها البعض في وجه الشعب فكيف ستندلع الحرب؟ نحن بانتظار اعداد ملفات بخصوص الثوار وهذا جل ما يملكه الساسة، فشيطنة الثورة تكون عن طريق اخماد الثورة وهذا يكون عن طريق فتح الطرقات والمدارس والمؤسسات الرسمية، وهنا أنا مع اغلاق الطرقات وغيرها وكل ما من شأنه الضغط على السلطة». 

ومن جهته كبارة يقول: «طرابلس ألماسة في لبنان مغطاة ببعض الغبار، اليوم ومع الثورة تطاير الغبار وظهرت على حقيقتها، هي العاصمة الثانية للبنان والتي تضم من مختلف الطوائف وهي مدينة العيش المشترك، لكن الاعلام ابتعد عنها لعدم وجود أنشطة والسياسي هملها، اليوم طرابلس أظهرت نفسها بأبهى حلتها مما أظهرها وكأنها «العروسة»، الأنظار تشخص اليها، الحقيقة بأن السياسي لو اهتم بمرافق المدينة الحيوية لكنا في الطليعة لكن وللأسف الشديد هم يرفضون تطورها». وأكد كبارة على أن «مصالح السياسي تتلخص بمصالحه الشخصية ومصلحته لا تكون الا من خلال ذل الناس وفقرهم وعوزهم وهذه هي الأسباب الحقيقية التي جعلت من طرابلس «عروسة الثورة»، وهنا أناشد عناصر الجيش اللبناني منح المدينة المزيد من الاهتمام كون المرحلة المقبلة أصعب بكثير بعدما استنفد السياسيون كل القدرات على اخراج الناس من الشارع، برأيي اليوم ستبدأ شيطنة الثورة وتحويلها عن مسارها الحقيقي وكلنا أمل بالجيش اللبناني وعناصر قوى الأمن الداخلي، كون مواجهتنا لن تكون الا بالبقاء في الساحات بطريقة سلمية». 

وختم كبارة مؤكداً: «ما من حرب كونه ما من طرفين في النزاع، انما قد يكون هناك زعزعة أمنية في الساحات خاصة وان من أطلق النار على المتظاهرين خرج من السجن مما يعني بأن هناك استهداف للثورة بيد اننا نعول على القوى الأمنية والجيش اللبناني لحمايتنا».