7 شباط 2024 12:00ص عالم «الدليفري» فرصة عمل جديدة لشباب اليوم

زمننا بات قائماً على «الدليفري» توفيراً لحرق الأعصاب والبنزين زمننا بات قائماً على «الدليفري» توفيراً لحرق الأعصاب والبنزين
حجم الخط
بدأنا نشهد مؤخرا إقبالا كثيفا للشباب في مجال «الدليفري» ربما كون هذا العمل يمكّن الشباب من العمل والدراسة في آن معا، كونه يسمح بساعات عمل محددة، وبالتالي لا يفرض التزاما كاملا .
إلا أن هذا العمل كغيره من الأعمال يحمل في طياته الكثير من المواقف، منها ما هو محرج ومنها ما هو عادي . 
ألأمر الذي يعرض هؤلاء الشباب أحيانا للعديد من المشاكل.وطبعا هذا العمل ما يزال يقتصر على الشباب تحديدا فالعنصر الأنثوي لم يخوضه بعد، لأن الشابات ما زال عملهن محصورا داخل المطاعم والمؤسسات .
الجميع بات يتعامل مع «الدليفري»فالمسألة لم تعد مقتصرة على المطاعم فحسب بل تعدتها إلى الصيدليات و»السوبرـ ماركت» ومحلات الورود وغيرها من المؤسسات التي بات» الدليفري «من أهم الركائز فيها، ولا سيما تلك المحال التي تقدم «الأركيلة دليفري».
أما فيما يخص هذا النوع من الخدمات فلا بد من أن نشير إلى أنه كان سائدا فيما مضى في العاصمة بيروت ولكن بصورة أخرى،تتمثل ب «الحنطور» الذي كان يتنقل في الأحياء مع «العربجي»لإيصال ما يلزم من خدمات ومؤن ومأكولات.
 اليوم الهدف هو نفسه إلا أن الوسيلة فقط هي التي اختلفت فبدلا من «الحنطور» بات هناك الدراجة النارية التي تتنقل بين الأحياء لتسليم المأكولات وغيرها من مستلزمات الحياة اليومية.
ونظرا لما يعانيه المواطن من عجقة سير خانقة وغلاء لسعر البنزين، بات يفضل طلب ما يحتاجه عن طريق «الدليفري» بدلا من أن يحرق أعصابه وهو يقف لساعات طويلة وسط أرتال السيارات خصوصا وأن الدراجة النارية بامكانها التنقل  بسرعة أكبر لإيصال المطلوب في الوقت المحدد،  ولا سيما عندما تكون الطلبية عبارة عن وجبة من المأكولات،بالرغم من تكلفتها المرتفعة نتيجة جنون «الدولار» وتدهور الوضع الإقتصادي.

أصعب المواقف؟

لكن ما هو طابع عمل هؤلاء الشباب، وما هي المواقف التي تعترضهم ؟وبالتالي كيف يتعاملون مع هذه المواقف الصعبة ؟
«اللواء» التقت عددا من شباب «الدليفري «للوقوف على تجربتهم في هذا المجال.

تهدئة النفوس

حسن بدران يعمل في إحدى مطاعم الوجبات السريعة منذ سنتين تقريبا،يقول:» في مجال عملنا هذا نلتقي بمختلف فئات الناس منهم من هو على خلق ومنهم من لا يتمتع بالأخلاق نهائيا .وبما أن غالبية التوصيلات التي أقوم بها تتم في المساء فإنني أعاني ما أعانيه وأشاهد أمورا أخجل من أن أذكرها،فمثلا في إحدى المرات التي وصلت فيها إلى أحد المنازل كي أوصل الطلبية كما جرت العادة فوجئت بموجة عارمة من الصراخ بين رجل وزوجته وما أن فتح الباب حتى نلت قسطي من «الخناقة.وبدلا من أن أهتم بإيصال الطلبية فقط رأيت نفسي أقوم بدور المصلح الإجتماعي في محاولة مني لتهدئة النفوس .ويومها عدت أدراجي فرحا لأنني استطعت أن أصلح بين الرجل وزوجته علما أنني لم أدرك تماما سبب المشكلة.
يضيف: هكذا أمور تحصل بين الحين والآخر لكنني لا أتضايق إطلاقا، خصوصا وأن  هذا النوع من العمل يناسبني لأنه يسمح لي بإكمال دراستي الجامعية براحة تامة لأنه يعتمد العمل بدوام جزئي.

ظروف خاصة

عبد حجازي يعمل منذ مدة في مجال إيصال طلبيات الأدوية إلى المنازل، يقول:»دوامي يبدأ منذ الثالثة بعد الظهر وحتى منتصف الليل .عادة الأمور تسير بهدوء لكن أحيانا عندما يكون الزبون مسنا هنا تبدأ المشكلة،وأذكر أنني في إحدى المرات ذهبت لإيصال دواء لوجع المعدة كانت قد طلبته إحدى السيدات .وما أن وصلت لمنزلها لأسلمها الدواء رفضت ذلك مؤكدة بأنها لم تطلب أي دواء.وهكذا عدت إلى الصيدلية وبعد مضي نصف ساعة عادت تلك السيدة للإتصال مجددا كي نرسل لها دواء لوجع المعدة .وهكذا عدت مجددا لمنزلها لأسلمها الدواء فما كان منها إلا أن رفضت استلامه مؤكدة انها لم تطلب أي دواء وبعد أخذ ورد،خرج أحد جيرانها فأوضح لنا الموقف لافتا إلى أن هذه السيدة مصابة بمرض «الزهايمر»وأن إبنها قلّما يتركها لوحدها في المنزل إلا أنه اضطر للخروج لظروف خاصة.عندها تفهمت الوضع وعلمت أن الحق «عالزهايمر»،  وأصبحت كلما اتصلت هذه السيدة أسارع بنفسي لأخذ الدواء لكثرة ما تعاطفت معها خصوصا وأننا جميعا معرضين ولا أحد يسلم من المرض .

 تجربة مميزة وذكرى لا تنسى 

سمير بيضون تجربته مميزة وهي ذكرى لا يمكن نسيانها يقول:«لا شك أن العمل في هذا المجال يعرضنا لشتى المواقف منها ما هو مفرح ومنها ما هو محزن .
بداية إسمحي لي أن أخبرك ما حصل معي منذ مدة خمسة أشهر حينما ذهبت في وضح النهار كي أسلم بعض المواد الغذائية كانت قد طلبتها إحدى السيدات التي كنت قد اعتدت إيصال الطلبية إلى منزلها .لكن هذه المرة كانت المسألة مختلفة لأنني ما إن وصلت حتى وجدت السيدة في حالة ولادة الأمر الذي اضطرني أن أطلب لها سيارة إسعاف وأن أرافقها إلى المستشفى لحين أنجبت طفلتها وقد فرحت جدا لكنني لم أسلم من تأنيب المدير الذي استغرب غيابي عن العمل طوال هذه المدة لكنه ما أن علم السبب تغاضى عن مسألة التأنيب، لكنه حذرني من تكرار الغياب مرة أخرى دون إبلاغه.
أما الحادثة الثانية فلم تكن مفرحة على الإطلاق لأنني يومها شهدت على وفاة إنسان كنت قد اعتدت رؤيته بين حين وآخر لدى تسليمي الطلبية إلى منزله،وكان في كل مرة يمازحني ويشجعني لعلمه أنني أعمل وادرس في آن معا .يومها حزنت للغاية وتمنيت لو أنني لم أتعرف إليه .باختصار في عملنا هناك الحلو والمر.

من سيتكفل بإطعام عائلتي؟

حسين معوض شاب في الـ25 من عمره يعمل في هذا المجال منذ مدة طويلة لأنه لم يجد عملا سوى «الدليفري» لكنه ما يزال يبحث عن عمل بديل لأنه باختصار لم يعد يتحمل الطريقة التي يتعامل بها بعض الناس مع شباب «الدليفري»، يقول:«مع الأسف أنني لا أملك أية معطيات تخولني العمل في غير هذا المجال خصوصا في ظل انعدام فرص العمل في البلد، فالشباب المتعلم لا يجد وظيفة فكيف الحال بمن هو مثل حالاتي؟!
- أنا أعمل في إيصال وجبات المأكولات السريعة إلى المنازل، ونتيجة خوف الناس مما يسمعونه بين الحين والآخر عن سرقات وتعديات فهم لدى وصولنا يفتحون لنا الباب «بالزور«وأحيانا يمرروا المال  من تحت الباب وكأننا مجرمون، الأمر الذي يزعجني للغاية .وفي كل مرة أعامل بهذه الطريقة أخرج وفي نيتي ترك العمل،لكنني ما أن أهدأ أدرك أن للضرورة أحكام، فأنا إن توقفت عن العمل من سيتكفل ويطعم عائلتي؟
{ كيف يتعاطى المواطنون مع هذه «الظاهرة»؟ 
في المقابل، كيف يجد المواطنون هذه» الظاهرة» إن صح التعبير، وبالتالي كيف يتعاطون معها؟

أعتمد على «الدليفري»

ليلى منصورتثني على عمل شباب «الدليفري»،تقول:«أنا شخصيا أعتمد كثيرا في حياتي على «الدليفري «لما يوفره لي من وقت وجهد.تخيلي لو أنني مضطرة للقيام بكل المستلزمات اليومية بنفسي،كنت أموت من التعب .بينما بوجود «الدليفري»بإمكاني أن أطلب ما أحتاجه على التلفون دون الحاجة للتنقل بالسيارة وحرق الأعصاب والبنزين الذي باتت كلفته «نار».
زمننا هذا بات قائما على «الدليفري «توفيرا للوقت والمجهود.»

  ما باليد حيلة

عبد الناصر موظف يعتمد كثيرا على شباب «الدليفري»ولولاهم لكان مات جوعا،يقول:»بما أنني موظف وعازب فليس لدي الوقت لأطبخ لذلك أنا أتكل بشكل أساسي على وجبات المأكولات السريعة بالرغم من أنها تعرضني للسمنة لكن ما باليد حيلة.
لذلك فإن هذا النوع من العمل بات ضرورة لا بد منها نظرا لما يؤمنه من تسهيلات،خصوصا وأن المسألة لا تقتصر على إيصال المأكولات فحسب بل تتعداها لأمور أخرى كالأدوية والمواد الغذائية وغيرها...»

 أرفض«الدليفري»

منى موسوي ترفض رفضا تاما التعامل مع شباب «الدليفري»لما تسمعه هنا وهناك، تقول: «أفضل شراء ما يلزمني بنفسي دون أن أعتمد على أحد لإيصال ما أحتاجه خصوصا وأن الفلتان الذي نعيشه في هذا البلد لا يسمح لك بأن تطمئني لأي كان مع احترامي لجميع الناس لكن الإحتياط واجب،خصوصا وأنني أعيش لوحدي مع ابنتي بحكم عمل زوجي في الخارج».
طبعا أنا أحترم عمل هؤلاء الشباب وأدرك تماما مدى احتياجهم للعمل في ظل الظروف الإقتصادية الصعبة التي نعيشها لكنني شخصيا لا أحبذ اعتماد شباب «الدليفري» وذلك كنوع من الحرص.