بيروت - لبنان

اخر الأخبار

8 كانون الأول 2020 09:28ص مسيحيو لبنان في عيون «فاتيكانية».. مبدأ «الشراكة الدينية» مدخلكم الى دوائر صنع القرار

حلو لـ«اللواء»: التقسيم الطائفي منبوذ من الكنيسة الكاثوليكية

حجم الخط
نسائم التغيرات في المنطقة ولبنان بدأت تنشر «زمهريرها»، مع اختلاف أولويات أصحاب القرار في العالم. فلا شك أن جريمة مرفأ بيروت حرّكت أنظار جميع القارات الى لبنان لفترة، إلا أن استمرارية المتابعة باتت حق حصري لأوروبا، لعل آخر الرسائل منها أتى عبر الفاتيكان، وتوجهت حصرًا الى مسيحيي لبنان من خلال رأس كنيستهم البطريرك مار بشارة بطرس الراعي.

معلومات صحفية نقلت عن نص الرسالة قولها أن البطريرك الراعي عاد من الفاتيكان حاملاً في جعبته «نصيحة بابوية» إلى القيادات المسيحية على اختلاف انتماءاتها السياسية والحزبية، مؤداها سحب الدعوة إلى إقامة نظام فيدرالي من التداول والإقلاع عن طرحها لأنه لا مصلحة للمسيحيين في ابتداع مثل هذا النظام الذي يمكن أن يهدّد، في ظل الظروف الراهنة، التعايش الإسلامي - المسيحي.

النظام الفيدرالي، مصطلح تنامى على مسامع اللبنانيين مطلع هذا العام على وجه الخصوص، على الرغم من انطفاء نجمه قليلًا مع توالي الأحداث المأساوية، الى أن عاد ليناقش بشكل خفي بين مؤيد ومعارض متخذًا شكل «جلسات نيابية لمناقشة قانون انتخابي جديد»، يرفضه الفريق المسيحي بقطبيه العوني والقواتي، وهما المؤيدان لفكرة الفيدرالية تحت مسمى «التمثيل الصحيح» نيابيًا، و«اللامركزية الادارية والمالية الموسعة» أو «الفيدرالية الجغرافية» كنظام حكم.

مع اقتناع غالبية القوى في لبنان أن التغيير سوف يحصل، يحاول كل مكوّن التمسك بما يحفظ رأسه، فالثنائي الشيعي لا يعلن رغبته بـ«المثالثة» علنًا، إلا أنه ضمنًا يرى أن للشيعة الحق بتوسيع نفوذهم بالحكم، تيار المستقبل يدفع باتجاه تطبيق «الطائف» كونه يعتبر مؤسسه الشهيد رفيق الحريري «عراب الاتفاق» ويحفظ حصة السنة بالحكم، ودرزيًا يبقى الحلم المنتظر هو مجلس الشيوخ، مما يجعل الساحة المسيحية مفتوحة على صراعات لم تعد استراتيجية بقدر ما هي تفصيلية.

هذا الخوف على الوجود المسيحي الداخلي، يزيحه الفاتيكان، ومن خلفه أوروبا، اليوم بنصيحة، اذ تأتي دعوته هذه انطلاقًا من دور لبنان ورسالته في هذا الشرق، التي لا تحتمل أو تُطوّر بشرخ جديد في المجتمع، بل دائمًا عبر مراعاة اللعبة الديمقراطية. ولعل أهمية مصطلح «اللعبة الديمقراطية» تكمن في تطوير النظام القائم من خلال انتخابات نيابية عبر قانون انتخابي جديد بعيد عن المصالح الضيقة لأي طرف مسيحي.

«الفاتيكان» يؤكد على الثوابت
في حديث لـ«اللواء» مع العميد المتقاعد خليل حلو، أكد أنه في ما يخص الفاتيكان ونظرته الى الوجود المسيحي في الشرق، فهناك ثوابت له لا تتغير بحسب المزاج، لعل أبرزها حرص الكنيسة الكاثوليكية على شراكة المسلمين والمسيحيين في المنطقة، وتم ترسيخ ذلك بمبادرات عدة على مدار 100 عام، معتبرًا أن كلام الفاتيكان، إن صح، فهو تأكيد على هذه الثوابت وعلى هذه الشراكة.

ولفت حلو الى أن مصطلح فيدرالية بالمعنى الحقيقي للكلمة لا يعني التقسيم، إنما في لبنان فورًا تؤخذ على هذا الأساس، وقال: «البطريرك الراعي لا يدعم فكرة الفيدرالية، وهو لا يتبناها ولا يتكلم بها تجنبًا لأي تأويل يعتبر أنها دعوة الى التقسيم وتعميق الشرخ الطائفي المرفوض من الفاتيكان بشكل واضح وبكركي أيضًا».

وأشار الى أن «اللامركزية الإدارية» مدعومة من البطريرك، ولكن ليس كما يريدها التيار الوطني الحر والوزير جبران باسيل، مذكرًا بمشروع القانون الذي أحيل الى مجلس النواب بعهد الرئيس ميشال سليمان والذي «جُمّد» في اللجان، وأردف حلو: «اللامركزية الموسعة ضمن دولة مركزية قوية» أمر من المحبب جدًا أن يحصل في لبنان، وهو لا يعني الفيدرالية بتقسيماتها الطائفية».

فيديو.. خبير استراتيجي: إنسحاب الولايات المتحدة الفورى من سوريا يواجه صعوبات | الوكالة نيوز
العميد المتقاعد خليل حلو

قانون الانتخاب «المسيحي»
في هذا الخصوص، شدّد حلو على أن «لا طرح مسيحي» خاص بالحكم أو بقانون الإنتخاب، إذ أن «لا باسيل ولا غيره» يمثل الصوت المسيحي، فعلى الرغم من أن القرار المسيحي في المجلس النيابي اليوم للتيار والقوات، لكن علينا ألا ننسى الأصوات المعارضة خارج البرلمان.

العميد حلو يرى أن قانون الانتخاب القائم على النسبية عبر دائرة انتخابية واحدة لكل لبنان هو مجرد «مكياج» للايحاء بأنه قانون خارج القيد الطائفي، ولكن مع وجود فريق مسلّح يتحكم بمفاصل الدولة وله ناخبيه المضمونين، لا يمكن أن يكون الخلاص عبره، معتبرًا أن القانون الحالي يجب تغييره، ولكن ليس القانون من أبعد «المجتمع المدني» عن المشهد، بل غياب النضوج والخبرة السياسية لديه.

ومن الطروحات التي يعتبرها مناسبة لتركيبة النظام اللبناني، يزكي فكرة الدوائر الفردية بحيث يتحرر المرشح من أي التزام ويصار الى اختياره عبر من يمثلهم، كل في دائرته الخاصة من أصل 128 دائرة.

والى جانب هذا الطرح، يرى حلو أن الدوائر المتوسطة مع اعتماد التصويت الأكثري من الممكن اعتمادها أيضًا، أو اذا تم اعتماد الدوائر الموسعة حينها ممكن ادخال النسبية على القانون، آملًا أن يكون المجتمع المدني قد اكتسب خبرة سياسية بعد انتفاضة 17 تشرين، تمكنه من أن يكون شريكًا بصنع القرار من دون ممارسة سياسة الالغاء مع المكونات الأخرى، كما تحاول أن تفعل تلك المكونات.

فهل تكون رسالة الفاتيكان فجوة جديدة في جدار ملف قانون الانتخاب وباب الى موقف مسيحي جديد يحفظ مبدأ لبنان الرسالة ورمز الشراكة الاسلامية المسيحية؟