بيروت - لبنان

اخر الأخبار

8 نيسان 2024 12:26ص النفاق الغربي في «المطبخ العالمي»

حجم الخط
النفاق الغربي ظهر بأبشع صوره في حرب غزة، حيث المجازر الاسرائيلية اليومية مستمرة منذ أكثر من ستة أشهر، بدعم عسكري وسياسي من الولايات المتحدة الإميركية وحلفائها الأوروبيين، دون أي إعتبار لأكثر من مئة ألف قتيل وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، ودون أي مسعى جدّي لوقف العربدة العسكرية الإسرائيلية التي حوّلت مدن القطاع إلى تلال من الإنقاض، ومارست أكثر حروب الإبادة الجماعية همجية.
الإدارة الأميركية والحكومة البريطانية استنفرتا كل مواقفهما السياسية والديبلوماسية، عندما قصفت الطائرات الإسرائيلية سيارة ثلاثة بريطانيين فقط ،من العاملين في «المطبخ العالمي للغذاء»، وإتهمت الخارجية البريطانية  القوات الإسرائيلية بإرتكاب جريمة إنسانية عمداً وعن سابق تصور وتصميم. وهي المرة الأولى التي تستخدم فيها لندن مصطلح «جريمة» في وصف الممارسات الإسرائيلية الوحشية في غزة. أما عمليات قتل الفلسطينيين المدنيين بالجملة، وتدمير المستشفيات والمرافق الحيوية، ومنع المساعدات الإنسانية من غذاء ودواء ومياه، فتبقى مسائل فيها نظر! 
تل أبيب سارعت إلى الإعلان عن تنحية اللواء قائد «فرقة ناحال»، لإستيعاب الغضب الأميركي والبريطاني، وتطويق ردود الفعل السياسية والإعلامية في واشنطن ولندن. 
الإعلام الإسرائيلي لم يتورع عن الإعتراف صراحة، بأن إستهداف العاملين في «المطبخ العالمي»، يصب في إطار التدابير التي ينفذها الجيش الإسرائيلي لتشديد الحصار الغذائي على الفلسطينيين، الذين يعانون من أسوأ المجاعات التي لم يعرف العالم مثيلاً لها، في تاريخ الحروب المماثلة. 
ولكن ردة الفعل البريطانية الصاخبة كشفت أن الرجال الثلاثة هم من العسكريين السابقين في المؤسسات العسكرية والأمنية البريطانية، ويقومون بمهام رصد ونقل معلومات من الميدان إلى الأجهزة البريطانية، الناشطة مع مثيلاتها الإسرائيلية في تنسيق عمليات تتبُّع حركة المقاتلين الفلسطينيين، وإستقصاء أماكن تواجد الأسرى الإسرائيليين، من خلال تواجدهم على أرض المعركة تحت ستار الخدمة في «المطبخ العالمي»!
وهكذا تبين أن النفاق الغربي في دعم حرب الإبادة الجماعية في غزة، وصل إلى حد تقديم وجبات الطعام المطبوخة بسموم التجسس والتآمر على أكثر من مليوني فلسطيني، شرّدهم العدوان على أرض وطنهم، وتلاحقهم غارات القتل والدمار، وينكّل بهم حصار التجويع بمنع الغذاء والدواء عنهم. 
أما الكلام عن ضغوط لوقف العدوان عن الشعب المنكوب، فهي من نوع ذر الرماد في العيون، لتغطية مآثم الدعم لحكومة العدوان الوحشي على غزة المظلومة. 
ومن يقول أن «قتل بريطاني جريمة لا تُغتفر..وقتل شعب كامل مسألة فيها نظر»!!
د. فاديا كيروز