بيروت - لبنان

اخر الأخبار

31 آذار 2021 07:13ص بين «جنة» السلطة وجهنم الحكم...!

حجم الخط
عجز السلطة، وفشل رجالها في إدارة أبسط مراحل الأزمة الوجودية التي يتلوى بها البلد، يزداد تفشياً يوماً بعد يوم، ويشمل مختلف القطاعات الحيوية التي تتهاوى الواحدة تلو الأخرى، وتتعاظم الضغوط المعيشية على الناس، بينما أصحاب الأبراج العاجية السياسية يتبادلون التراشق بالإتهامات، ويمسخون الآمال بالإنفراج إلى أوهام وسخافات!

مشكلة الكهرباء المزمنة تتنقل من فضيحة إلى أخرى، وكلها من العيارات الثقيلة، ووصلت إلى حد سرقة محطات التحويل والكابلات وقطع الغيار والمعدات دون أن تُحرك الإدارة المعنية ساكناً، أو تُكلف نفسها عناء رفع الدعاوى القضائية ضد شركات الخدمات، المسؤولة أساساً عن أعمال الصيانة والحفاظ على المحولات وتجهيزات الكهرباء مقابل مبالغ مليونية تتقاضاها من التحصيلات النقدية من المشتركين، فضلاً عما تأخذه تلك الشركات من عمولة بنسبة مئوية تصل إلى ٣ بالمئة من أموال الجباية.  

أما مشاكل الفيول والمحروقات لمحطات التوليد فحدّث ولا حرج.وآخر فصولها الباخرة المتوقفة قبالة محطة الزهراني في الجنوب، بإنتظار حسم الخلاف بين وزارة الكهرباء وشركة سوناطراك الجزائرية حول مواصفات الشحنة التي رفضتها شركة سيمنس الألمانية، لأنها لا تتوافق مع المواصفات المحددة للمولدات والمعدات التي ركّبتها الشركة الألمانية في محطة الزهراني، وأعطت الضمانات اللازمة للتشغيل والصيانة.

السلفة المالية التي أقرها مجلس النواب قبل يومين للكهرباء، وتبلغ قيمتها ٢٠٠ مليون دولار، هي أشبه بمن يضع الماء في سلة قش من فوق فيذهب هباء بلحظات، ذلك أن هذه السلفة تؤمن الفيول لستة أسابيع فقط، ويعود بعدها الحديث نفسه: إما سلفة جديدة أو العتمة!

والمفارقة أن وزارة الطاقة تطلب السلف من الخزينة، فيما الجباية شبه متوقفة في مختلف المناطق، إلى جانب الإهمال المستمر والمتعمد بعدم رفع التعرفة الكهربائية، وصولاً إلى تخفيف الدعم تدريجياً، والذي تبقى كلفته على المواطن أقل من دفع فاتورتين، واحدة للمؤسسة الرسمية، والثانية لأصحاب المولدات. مشكلة الكهرباء المزمنة واحدة من الأزمات التي يعجز أهل الحكم عن معالجتها، وأمثالها الكثير من ملفات الفشل والعجز والفساد... ولكن على من تقرأ مزاميرك يا داوود في بلد يتصرف فيه الحكام وكأنهم في «جنة» السلطة، وليس في جهنم الحكم !