بيروت - لبنان

اخر الأخبار

3 حزيران 2022 07:10ص حُكام الزمن الرديء: المُلك قبل العدل

حجم الخط
إنشغال كبار المسؤولين عن الأوضاع المتردية في القضاء، والتي تزداد تدهوراً يوماً بعد يوم، يجسد واقع الإنهيارات المستمرة في مقومات الدولة، على إيقاع الغياب الكامل للسلطات المعنية عن إتخاذ ما يلزم من قرارات واضحة، وخطوات حاسمة للحفاظ على ما تبقى من هيبة القضاء وكرامة القضاة.
لا شك أن سوسة السياسة نخرت الجسم القضائي حتى العظم، بسبب التدخلات الحزبية والسياسية والطائفية المستمرة منذ أكثر من ثلاثين سنة، في كل شاردة وواردة في السلك القضائي، من تعيين القضاة ومناقلاتهم، إلى توظيف المساعدين القضائيين والكتبة في دوائر التحقيق وفي المحاكم، إلى الضغوط السافرة على القضاة لمحاباة أصحاب المال والجاه والأزلام في التحقيقات، كما في المحاكمات، هذا إذا وصلت ملفاتهم إلى المحاكم.
لم يصمد أهل القضاء طويلاً أمام الفساد السياسي، فكان أن إنغمس العديد من القضاة في مستنقعات المنافع والخدمات المادية، وتحولوا إلى ما يشبه الموظفين المداومين في قصور ودواوين أهل السلطان، لتلقي التعليمات وتنفيذ الأوامر، والضرب بنزاهة وعدالة القضاء عرض حائط الزعيم أو الرئيس.
لم يحصل أن وصل القضاء اللبناني منذ عهود الإنتداب والإستقلال إلى ما وصل إليه في هذا العهد من بهدلة وتدنٍّ في مستوى التعامل بين القضاة ومرجعياتهم ورؤسائهم، على نحو ما يحصل بين القاضية غادة عون وكُلٍّ من رئيس مجلس القضاء الأعلى، والنائب العام التمييزي، ورئيس التفتيش القضائي، من إتهامات وتحديات، وما يرافقها من إستفزازات كلامية لا ترى القاضية، المثيرة للجدل، غضاضة من توجيهها إلى المسؤولين الأوائل في القمة القضائية.
لا رئيس الجمهورية، ولا رئيس الحكومة، ولا حتى وزير العدل، القادم من المؤسسة القضائية، إستطاعوا أن يوقفوا هذا الإنهيار المريع في الجسم القضائي. وكأن المُلك أصبح أهم من العدل، ولم يعد العدل أساس المُلك عند حكّام هذا الزمن الرديء!