بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 آب 2021 08:08ص حكمة المفتي تُطوّق غليان الشارع

حجم الخط
لم يكن البلد بحاجة للعاصفة السياسية التي أطلقها القاضي طارق البيطار في مذكرته التطاولية على مقام رئاسة الحكومة، في خطوة شعبوية، تفوح منها روائح الكيدية السياسية، ونوايا تغليب فريق في السلطة على غيره من الأفرقاء الآخرين.

الناس تغلي من القهر والذل والمعاناة اليومية في هموم الكهرباء والمحروقات والدواء والمياه، وأهل السلطة يمعنون في صراعاتهم الأنانية والشخصية، جشعاً في تكديس المزيد من الثروات، على حساب هذا الشعب المنهوب بدولته وبحياته وبمستقبل أبنائه، والذي يكاد يكفر بالساعة التي استلمت فيها هذه الطبقة السياسية الفاسدة مقدرات البلد، الذي تحوّل في غفلة من الزمن إلى صحراء خالية من كل مقومات الحياة الكريمة.

هبّة رؤساء الحكومة السابقين في وجه المذكرة الإستنسابية للمحقق البيطار، لم تكن دفاعاً عن شخص بعينه، بقدر ما كانت حفاظاً على كرامة موقع دستوري، وتمسكاً بقواعد التوازن للمعادلة الوطنية، وحمايتها من الخلل الحاصل حالياً في أداء السلطة الراهنة، والتي أوصلت البلد إلى هذا الإنهيار المدمر، وحوّلت حياة اللبنانيين إلى جهنم، التي توقعها رئيس الجمهورية باكرا في العام الماضي، في حال لم يتم تأليف الحكومة الإنقاذية، فكان أن مضى عام كامل من دون أن تؤلف الحكومة، وكان أن تحققت «نبوءة» فخامة الرئيس.

كيف اعتبر المحقق البيطار أن الرئيس حسان دياب هو الوحيد بين الرؤساء الذي لا يتمتع بحصانة موقعه، وماذا بالنسبة لرئيس الجمهورية مثلاً الذي اعترف في تصريح علني بمعرفته المسبقة بوجود الأمونيوم في مرفأ بيروت؟

وماذا يعني التعامل مع رئيس حكومة لبنان بوقاحة منطق الإحضار، والبعيد عن أبسط اللياقات في التخاطب مع المرحعيات الرسمية، غير الاستهانة بهذا الموقع الدستوري، وتحجيم دوره الوطني، فضلاً عن استهدافه بشتى الضغوطات السياسية؟

رغم أجواء التوتر والغليان في الشارع، حرص مفتي الجمهورية في خطبته أمس بمناسبة افتتاح مسجد محمد البساتنه، على وضع الأمور في نصابها الوطني الصحيح، بعيداً عن أي تجييش طائفي، ودون أي تصعيد سياسي، حرصاً على إبقاء الأزمة المستجدة في أضيق إطار ممكن، مفسحاً المجال أمام من يعنيه الأمر من أهل الحكم، وخاصة رئيس الجمهورية، لمعالجة الأمر بهدوء وحكمة.

فهل من يسمع الصوت الهادئ قبل أن يتحوّل إلى صرخة مدويّة؟