بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 كانون الثاني 2020 12:00ص وسط بيروت ضحية مرة أخرى..!

حجم الخط
بعيداً عن أجواء الشغب والمواجهات المتكررة في شوارع بيروت بين مجموعات من المتظاهرين والقوى الأمنية، كشفت الانتفاضة حجم الأوجاع التي تُعاني منها المئات من العائلات اللبنانية، التي تعيش دون مستوى خط الفقر، فيما الطبقة السياسية تنهش بأموال الدولة، وتعقد الصفقات المليونية، وتُمعن في سياسة النهب والهدر التي أوصلت البلاد والعباد إلى هاوية الإفلاس.

آباء حاولوا الانتحار، وبعضهم بادر إلى إحراق نفسه، لأنهم عاطلون عن العمل وغير قادرين على تأمين لقمة العيش لعيالهم، بعدما أخرجوا أولادهم قسراً من المدارس لعجزهم عن تأمين أقساطهم.

أمهات وأرامل يستنجدن بأبسط حقوق الإنسان التي تقضي بإعطاء أولادهن جنسياتهن، وتأمين الرعاية الاجتماعية والمدرسية للمحتاجات منهن.

شباب وصبايا نزلوا إلى الشارع بعدما فقدوا الأمل بدولة أهملت طلباتهم بحياة كريمة، وتوفير فرص التعليم والعمل لهم.

ربات بيوت عريقة، وأبناء عائلات كبيرة ومعروفة، شاركوا في الحراك الوطني ليعبروا عن رفضهم للواقع الذي يستنزف طاقات أولادهم، ويدفع بهم إلى الهجرة، بدل العيش في وطنهم، وتوفير الطاقات والكفاءات التي يحتاجها البلد، والمشاركة في بناء المستقبل للأجيال الصاعدة.

أساتذة جامعات، رجال أعمال، كُتّاب ومفكرون ومثقفون، نزلوا إلى الشارع حالمون بدولة المواطنية، النظيفة من أمراض الطائفية والمذهبية، ومن الإقطاعيات السياسية والمناطقية، وقائمة على المساواة والعدل بين المواطنين، وقضاء مستقل وإدارات منتجة وبعيدة عن أوبئة الرشوة والفساد. 

مشاهد الثورة الحضارية، التي أدهشت العالم، يبدو أنها لم تَسْلم من لعبة الأمم الخارجية، ولا من قصص «الغرام والانتقام» بين الأطراف السياسية في الداخل، فتحوّل المشهد بين ليلة وضحاها، إلى كابوس ليلي يقض مضاجع أهل العاصمة، عبر هذا المسلسل المخيف من التخريب والتدمير الممنهج لوسط بيروت، حجراً وبشراً، لأن المؤسسات التي تعرضت للنهب والتكسير ستسرّح موظفيها وعمالها، والأضرار الكبيرة التي حصلت لن يتمكن أصحابها من إصلاحها بالسرعة المرجوة، مما يعني أن وسط بيروت سيتحوّل مرة أخرى، إلى منطقة خراب، وضحية للصراعات المحتدمة محلياً وإقليمياً!

الدولة غارقة في الفراغ بعد عجز الحكام عن تأليف حكومة جديدة.

والقوى الأمنية تحاول تجاوز الحساسيات، وتتصدى بالإمكانيات المتاحة، إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.