بيروت - لبنان

اخر الأخبار

17 آذار 2021 12:00ص «اللواء» تنشر الرواية الكاملة لأسباب تعثر تأهيل حديقة المفتي خالد

صورة لموقع اكتشاف الآثار في حديقة المفتي خالد صورة لموقع اكتشاف الآثار في حديقة المفتي خالد
حجم الخط
توقف الأعمال لتأهيل حديقة المفتي الشهيد حسن خالد كان مثار جدل وطرح علامات استفهام عن الأسباب وعن الجهة المقصرة وأكانت بلدية بيروت أو مجلس الإنماء والاعمار أو المتعهد، أو أن هناك كيدية تتعلق برمزية الحديقة التي تحمل اسم المفتي الشهيد، ومن الأسباب التي عرقلت العمل في الموقع الحفريات التي قامت بها مديرية الآثار وتضاربت المعلومات حول نتائج الحفر لجهة وجود آثار أو العكس.

«اللواء» تلقي الضوء على الأسباب الحقيقية بعد أن حصلت على محاضر المراسلات بين المعنيين بمشروع تأهيل الحديقة وصحة وجود الآثار.

مشروع تأهيل حديقة المفتي الشهيد والذي أنجزت خرائطه بلدية بيروت كلفت بتلزيمه مجلس الإنماء والاعمار وهو كلف المتعهد شركة «هايكون» بالأعمال، حيث بدأت الأعمال بهدم المكاتب البلدية المشادة على الحديقة وإزالة الأشجار وكل ما هو قائم وبُوشر الحفر للتجهيز لبناء المواقف المقررة تحت الحديقة، وفجأة توقفت الأعمال لأشهر مما أثار امتعاض أهالي المنطقة المحيطة بالحديقة خصوصاً وأهالي بيروت عموماً ليتبين أن سبب التوقف يعود لاكتشاف آثار في الموقع تستدعي تدخل وزارة الثقافة ومديرية الآثار التابعة لها لتنسيق أعمال حفر غرز أعمدة التدعيم المحيطة بالحديقة بشكل لا يتضارب مع فريق عمل مديرية الآثار.

وهنا بدأت مسيرة التوقف نهائياً عن الأعمال بسبب طلب المديرية سلفة مالية مقدارها 200 ألف دولار لتغطية أعمال التنقيب عن الآثار وهذا احتاج إلى روتين إداري قاتل وتزامن مع مسيرة ارتفاع صرف الدولار والذي شكل غطاء لرفض المتعهد استكمال الأعمال تحت حجة ان الكلفة لا تتوافر في المبلغ المرصود وهذا كان محط استغراب في الأوساط المعنية كون كان يجب على المتعهد وحين مباشرة العمل وقبوله الالتزام ان يُبادر إلى شراء المواد اللازمة لورشة التأهيل أو حجزها ودفع اثمانها كاملة أو جزئياً حين كان سعر صرف الدولار 1500 ليرة، وأنه كان على مجلس الإنماء والاعمار وبلدية بيروت متابعة هذه النقطة المهمة وهذا ما حدا بمحافظ بيروت القاضي مروان عبود ورئيس المجلس البلدي المهندس جمال عيتاني وإثر التساؤلات التي سادت الأوساط البيروتية، إلى زيارة موقع الحديقة للوقوف على الأسباب الحقيقية ودراسة سبل استكمال الاعمال المتوقفة.

وفي 5 شباط 2021 ارسل المحافظ عبود كتاباً إلى المجلس البلدي سجل تحت رقم 82/م/2021 طالباً اتخاذ القرار المناسب بما في ذلك تطبيق إجراءات جذرية بحق المتعهد وطلب ذلك من مجلس الإنماء والاعمار وكان سبق الكتاب التقرير المرفوع في 4/2/2021 من مدير مصلحة الهندسة بالتكليف المهندس جهاد البقاعي والمتضمن مسار الملف وأسباب تعثره وتضمن الكتاب الذي حمل الرقم 17585 الأسباب التي جمدت أعمال الحديقة على العقار 202 في منطقة المصيطبة العقارية والذي تعود ملكيته لبلدية بيروت.

اكتشاف آثار في الموقع

وبعد مراسلات مع مديرية الآثار وتلقي المعنيين من مجلس الإنماء والاعمار وبلدية بيروت تقرير فريق المهندسين المكلف في مديرية الآثار تبين الآتي:

وجود مخزون أثري مؤكد في الموقع من كسر فخارية وعظام بشرية تعود للحقبتين الفينيقية والعثمانية وهو ما أكده الآثاري جورج الهيبي ووثقه في كتاب مرفوع من مديرية الآثار ويحمل توقيع المدير العام للآثار سركيس الخوري ومرفق بصور لبعض المكتشفات التي ظهرت على سطح موقع الحديقة وتحديداً من الجهة الشرقية التي ظهرت فيها قناة لجرّ المياه أثرية وذلك بعد حفر متر وسبعين سنتم وترافق مع اكتشاف كسر للفخار في هذه النقطة.

أسباب توقف المشروع

مما تبين أن وجود آثار هو حقيقة موثقة ولكن هل هو سبب مباشر لتوقف العمل نهائياً، طبعاً لا، فالاسباب كثيرة ومنها الروتين الإداري القاتل لمسار الملف وتأخر تأمين السلفة المالية لمديرية الآثار، وعدم متابعة اعمال المتعهد من قبل مجلس الإنماء والاعمار وتوازياً بلدية بيروت، غلاء سعر صرف الدولار الذي جعل المتعهد «ينكل» بالتزامه ويرسل كتاب اعتذار بهذا الخصوص إلى مجلس الإنماء والاعمار، توجه مجلس الإنماء والاعمار  بطلب من مجلس الوزراء لحل مسألة الفروقات المالية وتعذره اتخاذ أي اجراء من قبله بحق المتعهد لحين جواب مجلس الوزراء حول قراره في التعامل مع العقود المتعثرة بسبب سعر صرف الدولار لأن كل المشاريع الملزمة من قبل مجلس الإنماء والاعمار تعاني من نفس المشكلة وهي متوقفة بسبب رفض المتعهدين استكمال أعمالهم.

وبالمحصلة وبالواقع الملموس أعمال تأهيل حديقة المفتي الشهيد حسن خالد متوقفة وسط تقاذف المسؤوليات والتبريرات، ويمكن القول أن بيروت فقدت بقعة خضراء لها رمزيتها عند البيارتة وهي حديقة كانت تختزن ذكرياتهم وذكريات ابنائهم وتحمل اسم شهيد الوطن، فهل سيتحرك المعنيون لتذليل العقبات وتوفير الحلول لاستئناف الأعمال؟ هذا ما ينتظره أبناء بيروت في بلديتهم ومحافظ مدينتهم ومجلس الإنماء والاعمار والمتعهد.