بيروت - لبنان

اخر الأخبار

5 أيار 2022 12:01ص الدعاة في عيد الفطر يؤكّدون: غابت الدولة ولكن أهل الخير لم ولن يغيبوا

الشيخ يحيى أبو شعر الشيخ يحيى أبو شعر
حجم الخط
خير الأعمال خواتيمها، ولا قيمة للأعمال بدون قبولها، والصوم أجره عظيم لا يعرفه إلّا الله عزّ وجلّ، ولكن كيف يفوز الصائم بالقبول، حتى يدخل من باب الريّان الذى وعد به الله عباده الصائمين أن يدخلوا منه؟ فهنيئاً لكل من قُبِلَ عمله فى رمضان، ولا يقنط من خسر رمضان، فعليه أن يجتهد فى العبادة، ويتوب إلى الله، لقوله تعالى: {لا تقنطوا من رحمة الله}.
وإذا aكان كل شيء خلقه الله له علامات فلا خلاف أن هذه العلامات تكون هى المؤشر الأول لقبول الصيام أو عدم قبوله، وخاصة أن الصوم للّه تعالى ولا يعرف جزاؤه وثوابه سواه سبحانه وتعالى.
فكما ورد في الحديث القدسي: (عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: قال الله كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ).
ولكن مع كل هذه البشائر للصائمين يبقى السؤال: كيف نحافظ على ما كنّا عليه في رمضان من صفاء ونقاء وعبادة تجعل الإيمان نهج حياة وليس مرحلة مرّت وانتهت..؟!

أبو شعر
بداية قال المسؤول الإعلامي لصندوق الزكاة في لبنان الشيخ يحيى أبو شعر: مع غياب الأمن الاجتماعي، والأمن الخدماتي، وانعدام الأمان النفسي، بربكم أخبروني كيف سيكون العيد؟ كيف سترتسم بسمة العيد وفرحته على وجوه الشرائح المتعددة الفقيرة والمتوسطة - إن بقيت -؟، كيف يمكن أن يكون عيدا مع انقطاع الكهرباء، وشحّ المياه وندرتها، والارتفاع الجنوني لأسعار السلع والحاجيات الضرورية، وارتفاع أسعار المحروقات، وفقدان الدواء، وعدم القدرة على دخول المستشفيات، وقبل كل ذلك غياب القدرة الشرائية والمالية عند مختلف الناس؟! لا يمكن أن يدخل الفرح الى القلوب في هذه الظروف المأساوية، والغمامة السوداوية التي تغطي سماء الناس.
وأضاف: حقوقنا الطبيعية التي أقرّتها كل الشرائع والقوانين باتت المطالب التي لا يمكن تحقيقها، في غياب الاهتمام الرسمي، اللهم إلّا على وسائل الإعلام، وغياب الشعور بالمسؤولية الوطنية النابعة من الضمير الحيّ، لم يمرّ على الشعب اللبناني ظروف مثل هذه الظروف مطلقاً، صحيح كنا نعاني من بعض الأزمات إلا أنها لم تكن مع بعضها، أما اليوم فقد أتت مجتمعة وباتت أزمة بلد وأزمة حياة، بل أزمة كرامة مواطن في وطن فَقدَ فيه كل مقومات الحياة.
وتابع قائلا: ولكن وفي الجهة المقابلة كان أصحاب الهمم العالية والقلوب الطيبة والسواعد الخيّرة والنوايا الصادقة يقفون جنباً الى جنب مع الناس والمؤسسات ليسدّوا ثغرة كبيرة في جدار الحرمان، وكانوا كتفاً قوياً متيناً اتُكأ عليه، وكانوا علامة فارقة في تحقيق التكافل والتراحم والإنسانية، غابت الدولة ولكن أهل الخير لن ولم يغيبوا وتميّزوا في حضورهم على ساحة العمل الخيري الإنساني، وللحق نقول عند الشدائد تُعرف الرجال، وعند المحن والأزمات تمتحن المؤسسات، ولم يقف في وجه ما مرّ ويمرّ على البلاد والعباد من أزمات اقتصادية ومعيشية إلا تضامن الذين ملأ الله عزّ وجلّ قلوبهم رحمة وحناناً مع مجتمعهم ومؤسساتهم، لذا رأينا كيف أمَّ هؤلاء المؤسسات الاجتماعية للقيام بواجبهم الشرعي والإنساني، وكذلك كيف وقفوا مع أقربائهم وجيرانهم وغيرهم كثير.
ولأن صندوق الزكاة هو المؤسسة التابعة للمرجعية الدينية - دار الفتوى، كان قُبلة أهل الخير حيث أودعوه ثقتهم عبر زكواتهم وصدقاتهم، كما كان مقصدا لأهل الفقر والحاجة من معوزين وأرامل وأيتام ومرضى وعجزة وذوي الاحتياجات الخاصة والأسر المتعففة، الذين يؤمّونه يومياً طلباً للعون المعيشي، فكان على قدر الأمانة والمسؤولية وقام بواجبه تجاههم على أكمل وجه، ولكن تبقى قدرة الصندوق مرهونة بقدر ما يردّه من خيرات وزكوات وصدقات، فهو مرآة تعكس عطاءات أهل الخير لتكون تقديمات للشرائح المحتاجة، ولا شك أن أهل الخير ما زالوا بخير وأن مؤسسات الخير ما زالت وستبقى بإذن الله بخير، فالخير باقٍ الى قيام الساعة.
واختتم بالقول: أسأل الله تبارك وتعالى أن يكون هذا العيد بارقة أمل في تغيير قريب وقد انقشعت غمامة الأزمات والمحن لا سيما المعيشية والحياتية منها، وأدعو بكل صدق ومحبة المقتدرين أن يضاعفوا عطاءاتهم في هذا الظرف الاستثنائي، لتكون مكرماتهم هي العيد والفرحة والأمل، ومؤازرة صندوق الزكاة باعتباره رافداً أساسياً من روافد تنمية الفرد والمجتمع، ويلتزم بتقديم خدمات خيرية اجتماعية وإنسانية متميّزة، تساهم مساهمة فاعلة في تعزيز وتدعيم شبكة الأمان الاجتماعي وتوفير حياة اجتماعية كريمة للمحتاجين. وكل عيد وأنتم بخير.
الشعراوي
أما الشيخ د. خليل شعراوي، إمام وخطيب مسجد المكحل، فقال: قال الله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}، وقال: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ}، فالعيد من المعاودة مرة تلو الأخرى، وبهدا التكرار تتجدّد المعاني بكل تجليّاتها، فالعيد يعني الفرحة الكبيرة بنعمة العبادة التي منّ الله بها عليه، وللصغير بلبس الجديد والمرح مع الأهل والأحباب.
العيد يعني ان مع العسر يسرا ومع الضيق فرجا..
العيد يعني هناك أمّة حيّة ملتزمة بتعاليم خالقها ومنهج رسول الله صلى الله عليه وسلم..
العيد يعني انتصار على النفس والملذات والشهوات..
العيد يعني فرحة البشرى للمؤمن في الدنيا والآخرة كما قال صلى الله عليه وسلم: «للمؤمن فرحتان: فرحة عند فطرته وفرحة عند لقاء ربه»..
العيد يعني تحابب وتسامح وتواصل بين الأفراد والجماعات..
العيد يعني ذِكر وتذكّر لفضل الله كثيراً...
العيد نسيان للماضي واستقبال لكل جديد.. العيد الانتقال من عبادة الصوم والدخول بأخرى، فالصيام منهى عنه يوم عيد الفطر، فيوم الفطر يوم أكل وشرب وذكر الله تعالى..
العيد ذكرى لأيام الانتصارات، فالنصر فرح والعيد فرح..
وأضاف: العيد أمل على أن من سار على نهج الله لا بد من انه سينتصر على ما هو فيه وينتقل من حال الى حال، فدوام الحال من المحال، فالضيق الذي يدور اليوم في شتى بقاع العالم الإسلامي بالعيد يتغيّر معناه فيصبح سعة بكل معناها إذ ان النبي صلى الله عليه وسلم قد أوصى فقال: «اغنوهم عن السؤال في هذا اليوم»، فالعيد فرحة من مشارق الأرض الى مغاربها، فالعيد نعمة من نعم الله على عباده ولا يدركها إلا من ذاق لذّة الطاعة والعبادة..
فاللهم اجعل أيام هذه الأمة عيدا بعباداتها، عيدا بصلاحها، عيدا بحضارتها، عيداً بخيراتها وبقوتها وثباتها وما ذلك على الله بعزيز.