بيروت - لبنان

اخر الأخبار

8 تشرين الثاني 2019 12:05ص العُلماء في ذكرى المولد النبوي الشريف: نستمدُّ من الذكر ىضرورة الخروج على كل مُستكبِر

وظالم وعدم التهاون مع الفاسدين

حجم الخط
تعيش الأمة الإسلامية في ذكرى المولد النبوي الشريف أعياداً متصلة زاهرة وأفراحاً كريمة خالدة تتفيّأ خلالها ظلال الرسول الأمين وتتأسّى بنبيه الكريم  صلى الله عليه وسلم، معطّرة مجالسها بسيرته الكريمة ومحيية قلبها بهَدْيهِ العظيم في مولده الكريم الذي كان مولد أمّة...

ولكن للأسف الشديد تمرُّ علينا هذه الذكرى العطرة بأسوأ أحوال وأزمات يُعاني منها الجميع، لذلك فلنجعل ذكرى المولد النبوي الشريف هذا العام بالتأكيد على التجديد في حياتنا وسلوكنا تحقيقاً للمعنى القرآني العظيم: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ}.

لذا ينبغي أن نعبّر في المولد النبوي الشريف حقيقة عن حبّنا العظيم له ونؤكّد هذه المحبة ونجدّدها وندعمها بالبراهين والأعمال المثبتة لها في حياتنا، لأن المحبة تقضي الاتباع وهذا يعني الاقتداء والتآسي بالرسول باتخاذه المثل الأعلى للمسلم في حياته كلها، أقوالاً وأعمالاً، سيرة وسلوكاً وحكمة في معالجة الصعاب.

ان أعظم احتفال بذكرى المولد النبوي الشريف نقوم به هذا العام يتمثل في الاقتداء بالرسول بتحقيق رسالته والتشبّث بها وتطبيق أركان الإسلام ومبادئه والسير على نهجه وسنّته وإحياء معالمه وقيمه ومبادئه والتقيّد بأوامره ونواهيه وتوجّهاته في حياتنا وسلوكنا كي يطبع النهج العلمي للإسلام أعمالنا في البيت والمدرسة والشارع وفي سائر مرافقنا حتى يصبح دين الله هو الغالب وشريعته هي المطبّقة والحاكمة كما كان الأمر أيام الرسول  صلى الله عليه وسلم.

لقد حقق الرسول  صلى الله عليه وسلم بسيرته وهَدْيه مبادئ الإسلام ومثله العليا وجعلها آية في الأرض لتكون نبراساً وضياء ونوراً للناس أجمعين.

في ظل الأحداث المحيطة بنا كيف نفهم ذكرى المولد النبوي الشريف ونحتفل به؟!..

الصلح

{ الشيخ خالد الصلح مفتي بعلبك قال بالمناسبة: في خضم كل سنة هجرية جديدة، تُطل على المسلمين مناسبة عزيزة وذكرى غالية محمّلة بالنفحات الدينية العطرة والنسمات الروحية الزكية. ذكرى تدعو كلَّ ذي قلب سليم إلى التأمّل العميق في سيرة رجل أُميٍّ بدأ حياته راعيا للغنم وأنهاها قائدا للبشرية. فنحن أمام شخصية عظيمة؛ هذه الشخصية العظيمة التي رفعها الله تعالى فوق الناس جميعاً، كما قال تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ}. هذه الشخصية العظيمة ما عرفت الاستكبار والاستعلاء والتسلُّط والهيمنة على الناس، بل ما عرف  صلى الله عليه وسلم ذلك على من آمن به وصدقه واتبعه وأحبَّه.

نتعلّم من نبينا الكريم كيف علَّم أتباعه الصدق والصراحة وعدم النفاق، لأن الأمة لا تكون متماسكة إلا بالصدق فيما بين أفرادها، أما الكذب والنفاق فيجعلها متمزِّقة متفرِّقة.

وأضاف: وبمناسبة الذكرى الطيبة هي مناسبة لاستعادة الأمل وتحفيز العمل ومكافحة الفساد بالتعمّق والتبصّر وأخذ العبر من السيرة النبوية الشريفة، ونمضي بنضالنا وكفاحنا من أجل تحقيق هدفنا في نشر التسامح والحفاظ على الأخلاق، ودعوة أبناء الوطن إلى اللحمة والتماسك لدحر الظلم والشر على امتداد وطننا وجغرافيته.

ونستمدّ من ذكرى ولادة الرسول الأكرم المواقف بالخروج على المستكبر والظالم وعدم المساومة والتهاون مع المعتدين، والثورة الدائمة المستمرة بزخم الولادة المقدسة والدعوة الإلهية لتشريع إسقاط كل الحكام المستبدّين؛ فتذكر كتب التاريخ: مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن حدثاً عادياً، ولم تكن ولادته صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله بالذي تمرُّ كولادة أي شخص عادي، فهي ميلاد للنور والرحمة، فكان لذلك آيات وعلامات وإرهاصات ليلة الميلاد الشريف ظهرت في بقاع الأرض، لتدلّ على أن حدثاً إستثنائياً قد حدث، وأنه قد جاء إلى الوجود خاتم الأنبياء والمرسلين الذي سيخرج الناس من الظلمات إلى النور. ومن تلك العلامات والأحداث ما روته كتب السير، أنه في ليلة مولده الشريف تصدّع إيوان كسرى في العراق وسقطت منه أجزاء وهو حدث جلل، فقد سقطت منه أربع عشرة شرفة، وخمدت نار فارس، ولم تخمد قبل ذلك بألف عام.

ونسأل الله تعالى في هذه الذكرى الطيبة أن يديم على لبنان أمنه وأمانه ويحميه من الفتن.

دلي

{ أما مفتي حاصبيا ومرجعيون الشيخ حسن دلي فقال: ها هو العالم الإسلامي اليوم يستقبل أعظم ذكريات الحياة وأجلّها منزلة وأعمقها أثراً في تاريخ البشرية وحياة الأجيال الإنسانية انها ولادة فخر الأنبياء وإمام الأولياء وسيد الكائنات سيدنا محمد  صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}.

وأضاف: جدير بالمسلمين اليوم في كل مكان أن يغتنموا هذه الذكرى المباركة فيجدّدوا العهد مع الله سبحانه وتعالى ويلتزموا منهجه الحق في اتباع الرسول  صلى الله عليه وسلم، لأن حياة النبي كانت النموذج الواقعي لمنهج الله تبارك وتعالى والتفسير العلمي لأحكامه وآدابه وهديه مخاطباً نبيه ليخاطبنا فقال {فاتبعوني يحببكم الله}.

فإذا أعرض النّاس عن حياة رسول الله  صلى الله عليه وسلم ولم يلتزموا سنّته وخالفوا منهاج سيرته الطيبة في أقواله وأفعاله ومواقفه باؤوا بالفشل والذل والهوان وأشرفوا على الضياع، وما هو حاصل اليوم بأمتنا لهو خير دليل على ذلك فأصبحت الأمة إلى هذا المصير وشارفت على الهلاك، فقال تعالى: {فليحذر الذين يخالفون أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}.

وتابع قائلاً: إذاً علينا العمل والجدّ والصدق في القول في حياتنا ومجتمعنا لنخرج من أزماتنا، وكل ذلك مرهون بمدى إلتزامنا بديننا وأحكام شريعتنا وسنّة نبينا وعمل صحابة رسول الله ومن تبعه وأن ننتصر على أنفسنا، عندئذٍ يتحقق النصر ويسود الأمن والأمان وتسود العدالة وتستقيم الأمور.

واختتم قائلاً: وها هي الأمور في لبنان وصلت الى ما وصلت إليه من تدهور الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية مما أدّى الى أن تنزل الناس الى الشوارع للمطالبة بلقمة عيشها والعدالة في إيجاد فرص عمل لشبابها ومن أجل أن يكون لهذا الوطن من أساس متين خالٍ من التبعية، خالٍ من أن تسود شريعة الغاب. نزل الناس الى الطرقات لأنهم يتضوّرن جوعا ولأنهم ليسوا من المحظيين عند الساسة، وحذار من بطون جاعت ومن أموال نُهبت ومن فقر استحوذ على السواد الأعظم من الناس.

كيف ينام المسؤول عن الرعية والرعية جائعة؟ أين مسؤوليته التى أوكل بها؟ أين من وصية الرسول محمد  صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته؟ هل من سامع وهل من ضمير حي قبل فوات الأوان؟

فان ذكرى سيد البشر محمد  صلى الله عليه وسلم تمرُّ على أمتنا الإسلامية والعربية تتكالب عليها الأمم وتتداعى عليها كما تتداعى الأكلة الى قصعتها إذا لم نعد الى كتاب ربنا وسنّة نبينا  صلى الله عليه وسلم وما طبّقه صحابته عليهم رضوان الله وتابعيه لم ننعم بالأمن والأمان والاستقرار وان القوي يأكل الضعيف ولا يعد ينفع الندم.

ففى ذكراك سيدي يا رسول الله نتذكّر فيك القائد والمربّي وناشر العدالة ومقري الضيف ومبلسم فقر الفقراء والمساكين ومعوّض على الأيتام عطف الأب وحنان الأم.. فعليك صلوات من الله ورحمته وبركاته.

شحادة

{ بدوره قال القاضي حسن الحاج شحادة: يصادف ذكرى حلول مولد سيّد البشر والأنبياء عليه الصلاة والسلام وتعيش المنطقة بشكل عام ولبنان بشكل خاص أزمات تفوق طاقة اللبنانيين، وقد أدّت إلى شلل كامل في مؤسسات البلاد وأدّت أيضاً إلى شلل في التواصل بين المناطق بسبب قطع الطرقات وأصبحت النّاس في ضيقة مالية خانقة في حين انها تنتظر وبفارغ الصبر وببهجة وسرور حلول هذه المناسبة والذكرى المباركة لإحيائها والقيام بما يليق بها، إلا اننا نجد ان النّاس لا تملك حتى المجال في التنقّل وتأمين حاجياتها الضرورية.

وأضاف قائلاً: فأرى ان مثل هذه المناسبة المباركة الجليلة يُمكن القيام باحيائها في قلوبنا ونفوسنا وفي سلوكنا في ظل هذه الأوضاع التي لم يعد لأحد أن يسيطر عليها في الشارع، وأن يتحلّى النّاس إكراماً لهذه الذكرى الكريمة بأخلاق سيدها وصاحبها النبي محمّد عليه الصلاة والسلام، وان ليس من عسر إلا سوف يليه يسر.

وتابع قائلاً: ان ما يسعدني أن أتوجّه به لكافة المسلمين في لبنان خاصة واللبنانيين عامة هو وحدتهم وتراصّهم حول مطالب موحّدة، ولكن ما نتمناه أيضاً أن يتحلّى كل منهم بأخلاق الدين الحنيف والتعاليم الإسلامية السمحاء وأن يكون أي خطاب أو تحرّك وفقاً لهذه المنظومة الأخلاقية التي علّمنا إيّاها النبي محمّد  صلى الله عليه وسلم وهي الضرر بالآخرين والتعدّي على أي أملاك خاصة أو عامة وأن يحيوا هذه الذكرى بما يليق بها.

واختتم قائلاً: أتمنى للبنان وأهله أن يخرجوا من هذه الأزمة وتعود الأمور إلى نصابها وأن يعمّ الأمن والرخاء والاستقرار في بلادنا في أقرب وقت ممكن.