بيروت - لبنان

اخر الأخبار

18 شباط 2022 12:00ص بعد قضية طرد موظّفة من عملها بسبب حجابها: مجتمعاتنا مريضة ولا بدّ من علاج قانوني فوري

حجم الخط
من يقرأ القرآن الكريم يجد أن الآيات نصّت على أن الحجاب فرض على المسلمات، فقد قال تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ...}، وقال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً}، وبالتالي هو طاعة للّه وليس كما يدّعي البعض بأنه ظَلم المرأة أو تغييب لها عن مسرح الوجود والحياة في مختلف مجالاتها..

فالسيدة المحجبة عندما ترتدي الحجاب هي تؤدّي فريضة مطالبة بها.. وليس في ذلك أي استفزاز للمجتمع، بل على المجتمع أن يعترف أن هذا الأمر هو حريتها الشخصية، وبالتالي يكون التعامل معها في مجال العمل خاصة ليس على أساس اللباس وإنما على أسس الكفاءة والعلم..

فكم من سيدة محجبة أثبتت حضورها وتفوّقت في كافة الميادين.. 

وكم من سيدة محجبة برعت في كل الاتجاهات...

ولكن الغريب في الأمر.. ان بعض الناس ينظرون إلى المرأة المحجبة كإنسان (درجة ثانية..؟!)... فيقفون سدّاً منيعاً أمام تقدّمها ونجاحها وعملها..

ولعلّ ما سمعناه مؤخراً عما حصل في بعض المتاجر الكبرى بطرد الموظفة المحجبة من العمل أكبر دليل على ما تعانيه الفتاة المحجبة من اضطهاد وقمع...

فكيف علّق العلماء والمختصون على هذا الأمر؟

الكردي

بداية، قال القاضي الشيخ أحمد درويش الكردي ان حجاب المرأة المسلمة هو فرض على كل امرأة مسلمة بالغة عاقلة، وهذا الحجاب لا يعني أبداً مظهراً دينياً يدعو إلى التعصّب والتشدّد، بل هو مظهر من مظاهر الحشمة والحياء ومشاركة المرأة الرجل في كل مناحي الحياة.

ولأن المرأة ليست سلعة للعرض ولتكون مساراً للشهوات والغرائز، فكل امرأة تشعر باستقامة في حياتها فهي تميل ولو كانت غير مسلمة إلى الالتزام بثياب تدلّ على مكانتها ومقامها، وهذا هو الشأن المرتبط بكل الرسالات السماوية لأن الدين جاء لعبادة الله الواحد ولصيانة المجتمع من الفساد والرذيلة.

وتابع قائلاً: إن بعض الجهات الرسمية وغير الرسمية والفردية والمجتمعية تحارب حجاب المرأة المسلمة بشكل خاص ويحاربونه أشدّ المحاربة، فيمنعون المرأة المسلمة من تولّي القضاء أو الدخول في سلك القوى الأمنية والجيش والتي تم إلغاء هذه النظرة العنصرية والتمييزية بحق المرأة في الجيش والقوى الأمنية، ولكن كثيراً من الشركات وخاصة ما جرى مؤخراً في أحد المتاجر الكبرى منع فتاة مسلمة محجبة تعمل ضمن مؤسستهم لشركة أخرى من وجودها في هذه الشركة وهذه هي العنصرية بعينها ومحاربة المرأة المسلمة العفيفة بدينها وأخلاقها، مع أننا نرى ان الصور التي تنشر للسيدة مريم عليها السلام بأنها محجبة وكذلك الراهبات.

واختتم قائلاً: هذه العقلية التي تعامل المرأة فيها على هيئتها وشكلها دليل تحجّر فكري وتخلّف عن مواكبة المجتمع لأن الإنسان يقيّم بفكره وعقله وكفاءته وإنتاجه وليس بمظهره وهندامه.

عودة

أما عضو المكتب الشرعي في مؤسسة العلّامة السيد محمد حسين فضل الله الشيخ ياسر عودة فقال: إن مجتمعاتنا الشرقية فاقدة للتربية الإنسانية فضلاً عن التربية الدينية في كثير من الأحيان، فقبل أن نتحدث بالموضوع الديني لا بد أن نتحدث من منظور الإنسان، الإنسان بعقله وكفاءته وعلمه وشهاداته وخبرته وليس بشكله ولبسه، ولذلك يجب أن يحترم ويقدّر الإنسان على هذا الأساس.

وأضاف: ان المشكلة في مجتمعاتنا انها وصلت إلى درجة من الانحطاط تأخذ الوظيفة على أساس الواسطة وليس على أساس الكفاءة، على أساس الشكل وليس على أساس المضمون، وهذا ما نراه في الكثير من المؤسسات حيث يأخذون الفتاة ذات الجمال أكثر من الفتاة التي لا تملك نوعاً من هذا الجمال، وهذا ما نسمعه كثيراً في لقاءاتنا مع الناس، وخصوصاً انها مشكلة عند الكثير من الفتيات المحجبات الكفوءات بالعلم.

أما من المنظور الديني فلا بد أن تُحترم حريات كل إنسان ومعتقده خصوصاً في البلدان التي تتعدد فيها الأديان كلبنان، فلا بد أن يحترم المسيحي المسلم والعكس، يحترمه في خصوصياته ولباسه... إلخ.

وتابع قائلاً: إما إذا تعاملنا مع بعضنا على هذا الأساس فلا أريد أن أقول ان هذا يؤدي إلى الخلل في التعايش الذي يطمح إليه اللبنانيون أو الذي تنادي به كل الرموز اللبنانية.

واختتم كلامه قائلاً: ان هذا مرض يحتاج إلى علاج من ذوي النفوذ وسنّ قوانين تحترم حرية الإنسان فيما يختار.

جعفيل

من جهته، قال المحامي محمد زياد جعفيل: لقد بادرنا كمجموعة من المحامين تضم محمد زياد جعفيل، وليد حدرج، ميشال فلاح، عبد العزيز جمعة، محمد صفصوف وعبير بنوت بإخبار من النيابة العامة التمييزية في بيروت طالبين الادّعاء على مجمع ABC التجاري في منطقة الأشرفية، وإحدى الشركات العاملة داخل المجمّع، ليصار الى التحقيق معهما والادّعاء عليهما، ومن يظهره التحقيق فاعلا أو محرّضا أو شريكا وتوقيفهم تمهيدا لإحالتهم أمام القضاء المختص بالجرائم الماسّة بالدستور والحريات العامة والدين وإثارة الفتن، لا سيما المواد 317 و474 من قانون العقوبات، مبيّنا أن الإخبار تم قبوله وجرى إحالته إلى النيابة العامة الاستئنافية.

وقال: لقد أوضحنا في الإخبار أن حرية المعتقد مصانة بالدستور اللبناني، بشرط التقيّد بالقوانين مرعية الإجراء، وهذه الحرية تقف عند حرية احترام الآخر، وان الحجاب ليس مظهراً أو رمزاً أو «اكسسواراً» كما جرى تصويره ووصفه، إنما هو في صميم حرية المعتقد. نعم.. صحيح انه يحق لكل مؤسسة خاصة وضع نظامها الإداري الخاص بها.. إلا ان أي نظاما يجب أن لا يتعارض مع الدستور والقوانين مرعية الإجراء، هذا عدا أن مجمّعاً تجارياً كهذا المجمّع هو يقدّم خدمة عامة (أشبه بمرفق عام) ويرتاده كافة أفراد الشعب والمقيمين دون أدنى تمييز بينهم، وطالما انه يعمل على الأراضي اللبنانية فهو حكماً مقيّد بالقوانين المرعية الإجراء، مؤكدا ان ما تم يشكّل فعلاً خارقا لكافة القوانين، لا سيما انه تعرّض للمقدسات وهكذا أفعال تعرّض المجتمع للفتنة، وتسيء الى مختلف الديانات. كما لا يغيب عن بالنا أن المجمّع وقع في تناقض كبير، فهو انه - ذات المجمّع - يستقبل المحجبات وغير المحجبات كعملاء، إلا انهم يرفضون المحجبات كعاملات لديهن، مشيرا إلى أن المرأة المحجبة صارت في صميم المجتمع اللبناني، وتتبوأ أفضل المراكز في كافة وظائف الدولة والأسلاك العسكرية على أمل أن نجدها قريباً في السلك القضائي أيضاً.