بيروت - لبنان

اخر الأخبار

8 شباط 2019 12:05ص في خضم التحدِّيات والتغيّرات المحيطة بنا: دعوات لتجديد مناهج الكلِّيّات الشرعية بما يحافظ على الثوابت ويخدم مستقبل العباد والبلاد

حجم الخط
حين نتحدث عن شرع الله وضرورة التجديد في أساليب التوجه إليهم لا بد أن نعرف أن شرع الله ثابت ولا يتغير ولكن اللغة التي نتوجه بها إلى الآخرين لندعوهم إلى شرع الله يفترض بها أن ترتقي إلى مستوى هذا الشرع الكريم فنحن مطالبون بهذا الإرتقاء كي نستطيع تحقيق التواصل مع الآخرين. 
فالقرآن الكريم موجّه إلى الناس قاطبة أي أن الإشكالية ليست في النص ولكن في أسلوب شرحه وطرحه ، ومن هنا ظهرت الحاجة إلى التجديد في الخطاب الإسلامي وفي الدعوة إلى دين الله، فالتغيير والتطوير إن كانت الغاية منه تغيير مادة النص أو احكام والتشريعات فهو غير صحيح... أما إن كان عبر تجديد أسلوب وبيان وعرض هذه التشريعات والأحكام فهو في محله. 
فالداعي إلى الإسلام ينبغي أن يكون من المتفقهين فيه والمتمسكين به في أقواله وأفعاله وكل تصرفاته، فلا يظهر منه تهاون في أوامر الله ولا خروج عليه، كما لا يتساهل ولا يفرط..
فالدعوة الى التجديد ليست موجهة هنا الى الاسلام الذي هو دين الله الكامل والخاتم وإنما هي دعوة موجهة الى أصحاب العقول وبالذات الدعاة لمراجعة أنفسهم في مدى فهمهم لكتاب الله عز وجل واستمساكهم بشرع الله وترتيب الأولويات مما يجب عليهم فعله وما يجب أن يبدأوا به، وهذه المراجعة هي بمثابة إعادة ترتيب عقل الداعية الذي بدوره يجدد للأمة دينها ويبعث فيهم روح الاخلاص لله والعمل بسنة رسوله  صلى الله عليه وسلم . 
وأول الأمور التي ينبغي أن نقوم بتجديدها مناهج الكليات والمعاهد الشرعية التي تخرِّج لنا الدعاة، فكيف هي حال تلك المراكز التربوية..، وكيف هي أحوال من يتخرج منها في ظل التحديات الكبيرة التي نعيش فيها..؟! 

د. أمين فرشرخ
{ بداية قال د. أمين فرشوخ عميد كلية الدراسات الإسلامية في جامعة المقاصد، نعم نحتاج إلى تطوير دائم لمناهج وعلوم كليات الدراسات الإسلامية لأن هذه العلوم هي التي تضيء على فهم الأمور الشرعية، وذلك من خلال تطوير الآليات والمفاهيم، وبالتالي نحن في لبنان نحتاج إلى التطوير لخدمة الداعية ولخدمة المجتمع ولخدمة المواطنة والتعرف إلى الآخر اثر في فهم الدين الآخر وتطبيق ذلك على البيئة الاجتماعية لنصبح عمليين لا نظريين.
واضاف: أما أساليب وطرق التطوير فيجب ان يكون هناك دورات ومؤتمرات دائمة للخروج منها باقتراحات ومقررات جديدة تغني مهارات طالب الدراسات الإسلامية وتساعد في اعداد طالب متصالح مع نفسه، منسجم مع مجتمعه، منفتح على الثقافات الإنسانية والحضارة الحديثة، ومتقبل للآخر المذهبي والديني والحضاري ومحصن بقوة الإيمان والمعرفة والثقة بالذات، وأيضاً باعث على أمل في صنع مستقبل أفضل لوطنه ولدينه ولمجتمعه، فلبنان لديه خصوصية مميزة بالتدريس الديني ومثالاً على ذلك ان طلاب الدراسات الإسلامية والشرعية يجب ان يكونوا على مستوى عال من الذكاء والقدرات الفكرية والمنطقية، ضد ما هو شائع من أن الطالب الضعيف في العلوم الأكاديمية ينتسب إلى الكليات الدينية بالعكس بل ان طالب الدراسات الإسلامية يجب ان يكون لديه مستوى عال من المعرفة والوعي، لأنه يوماً ما سيتسلم هذا الإنسان مركزاً أو توجيهاً عالياً فيجب ان يكون ملاءماً للجدية وقادراً على التغيير والقيادة. ودورنا في الكليات الإسلامية ان نشجع هذه القدرات للوصول إلى الهدف المرجو..
حجازي
{ أما الدكتور الشيخ وفيق محمد حجازي فقال:  بداية لا بد من القول بأن العلم  بحر لا شاطئ له، ومداده لا ينضب، وخاصة ونحن أمام التطور العلمي في جميع المجالات نجد بانه لا بد من التعامل مع هذه العلوم الحديثة من ناحية اطلاع الباحث في الدراسات الشرعية عليها، والعلم الشرعي متشعب في موضوعاته، واسع الأرجاء،  متشارك مع غيره من العلوم، ولتطوير حقول المعرفة الشرعية يكون بالحصول على ملكة الإحاطة بمبادئه وقواعده والوقوف على مسائله واستنباط فروعه من أصوله كذلك بتطوير مناهج التعليم بما يخدم العلم الشرعي وسوق العمل كذلك، فالتعامل مع التطور العلمي وتطوير المناهج التعليمية أمر بدهي، لمواكبة المتغيرات العالمية المتسارعة في التعليم وبناء أجيال تحمل العلم والمعرفة، وتحقق التفوق على جميع المستويات وهذا من لب الإسلام ومنطلقاته لذا قيل العالم ابن وقته، فكيف يكون في واد والتطور العلمي في واد آخر، ولا يخفى على ذوي الاختصاص أن تطوير مناهج التعليم يستوجب تطوير المعلمين والمقررات التعليمية ولا يعني بالضرورة إلغاء مواد أساسية في التعليم الشرعي، ولا يستوجب الانتقاص منها وإنما يتطلب ذلك العمل على وضع المنهج المتكامل الدقيق اختصاصا بحيث يُزال الحشو الذي لا فائدة منه وهذا متفق عليه عند أهل العلم حتى قال علماء الأصول بأن كل مسألة في كتب الأصول لا علاقة لها به هي عرية عنه، وهذا يعني أيضا  أنه لا مجال لها في هذا التخصص، وفي الحقيقة إن تطوير المناهج أمر قد يحسبه البعض طعنا بثوابت الدين وهذا غير مسلم مطلقا  لأنه لا يتفق والأصل الذي يراد من خلاله  تطوير الملكة العلمية في عصر الثورة التكنولوجية، فهنالك مواد تعبر عمدة التعليم الشرعي كالقرآن وعلومه والحديث وعلومه والفقه وأصوله والعقائد والفرق واللغة العربية والأجنبية  فتطوير مناهج التخصصات الشرعية ضمن ضوابط وأسس علمية منهجية تتوافق مع متطلبات العصر بما يضمن التمسك  بثوابت ومبادئ الإسلام عقيدة وشريعة وخلقاً، ولأن  المتخصص في العلم الشرعي  يلزم ان يكون مطلعا على العلوم الحديثة فلا يقبل ألا يكون على معرفة بلغة العصر حتى يتماشى معها بما يضمن نجاحه في دعوته وهذا مهم جدا وإلا كان الانفصام بينه والمجتمع والانفصال بالتالي عنه، والانغلاق أمام التطورات التي تحدث في كل مكان من هذا العالم؛ لذلك يعتبر العمل على تطوير مناهج التعليم في الكليات الشرعية أمراً من ضروريات الدعوة إلى الله فهنالك علوم حديثة مهمة للداعية كعلوم الاجتماع والنفس والتواصل والإعلام ولغة الجسد والفكر السياسي وغيرها تعتبر أسساً مهمة للمتخصص في العلوم الشرعية وكما يقول اهل العلم شرط التطوير للمنهج التعليمي بتطوير المعلمين وهذا باب واسع بحثه وهم في آن وخطورته عندما لا يكون ذوو الاختصاص في اختصاصاتهم فلا تؤتي المادة اكلها ويكون الضعف سائدا، لذا يلزم على الكليات الشرعية المواءمة بين الثابت والمتغير بإضافة مواد أخرى لتطوير الفهم الديني مع متطلبات ومقتضيات العصر وخاصة ان الطعن بالدين من قبل فكر دخيل يستخدم الأدوات العلمية الحديثة لضرب مسلمات الإسلام وقيمه ومن هنا وجب التعامل مع هذا النهج بتغير قواعد التعليم بما يضمن صوابية النهج وسلامة التوجيه ومواءمته مع الواقع خدمة للدين وقضاياه والأمة وحاجيتها.