بيروت - لبنان

اخر الأخبار

29 تشرين الأول 2021 12:00ص في ظل اختلاط الأدوار بأوقات الأزمات.. العلماء يؤكّدون: حزبية بعض الدعاة تُلقي بظلالها على الخطاب الديني

المفتي الشيخ حسن دلة -المفتي الشيخ خالد الصلح المفتي الشيخ حسن دلة -المفتي الشيخ خالد الصلح
حجم الخط
لا يخفى على أحد الرابط الوسيط بين السياسة والدين في الحياة اللبنانية...

فلا يمر يوم أو حدث إلا ونرى رجال الدين يصدحون بتصريحات سواء كانت مخالفة أو مطابقة للواقع، وربما في بعض الأحيان تؤجج النزاعات الطائفية الداخلية بين الأطراف، وغافلين في بعض الأوقات عن الفساد الذي يضرب مؤسساتنا وإدارتها... 

فرجل الدين يجب أن يكون القدوة الصالحة في إظهار الحق ونبذ الباطل، وعليه أن يتحلّى بالحكمة والرويّة والتعقّل في إدارة الأمور لبث روح المحبة والسلام في قلوب المواطنين، فأي حكمة نريد..؟

نريد تلك الحكمة البعيدة عن الاصطفاف السياسي والانحياز الطائفي... حكمة يسودها العقل والرويّة لنبذ العنف الطائفي.. فماذا يقول العلماء؟

المفتي الصلح

بداية قال المفتي خالد الصلح، مفتي بعلبك: عندما يكون رجل الدين هو القدوة، هو النموذج للرجل الصالح، عندما يتحلّى بالأخلاق والقيم، إن لم نسعَ لصلاح أنفسنا وإصلاح غيرنا سيعيث المفسدون في الأرض، قال تعالى {وَاتَّقوا فِتنَةً لا تُصيبَنَّ الَّذينَ ظَلَموا مِنكُم خاصَّةً وَاعلَموا أَنَّ اللَّهَ شَديدُ العِقابِ} [الأنفال: ٢٥]، فعلينا لزوم الجماعة والقيام على أمرٍ واحد.

وأيضا علينا لزوم الزهد في الدنيا وعدم الإغراق في لذّاتها وشهواتها حتى تصبح أكبر همّ الإنسان، فإن حب الدنيا رأس كل خطيئة، وإنما يكفي الشخص من الدنيا الشيء اليسير الذي يبلغه المقصود، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مالي وللدنيا، ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها. الوعي الكافي لرجل الدين للقيام بالنصح، والإرشاد لمنع ما يظهر من فتنٍ ظاهرها فيه الخير وباطنها فيه الشر الكثير واضمحلالٌ للأخلاق وسعيٌ في هدم الأسس والمبادئ.

وأضاف: على الداعية أن يخفّف عن الناس ويشدّ من أزرهم، فليس من المحبب أن يأتي أحدنا ليتحدث لهم طوال خُطبته أو محاضرته عن الوضع السياسي ويقوم بتحويل الخطبة والمحاضرة إلى نشرة سياسية، ونحن ندرك بأنهم ينامون وهم مشبعون من السياسة وكأن الواحد منهم يجثم على صدره جبل من الهموم، فيزداد بذلك حُزناً وهمّاً، فلا بد لنا من أن نلتفت لهذه الأمور ونتلمّس مواطن الشدّة والبأس التي تحلّ بهم، وكثيرة هي الشائعات التي تشيع وقت الأزمات فتفتك بالناس، خاصة إن لم يكن هناك دور بارز للدعاة لدحضها وتفنيدها وتقوية رباطة جأش الناس، وتثبيتهم، فالخطاب الوعظي المحض هو أمر محمود، ولكن عند النوازل والشدائد لا يكون مجدياً، فحينها نكون بحاجة إلى خطاب يعالج المتغيّر الحاصل.

وأردف قائلا: وأذكر هنا من الواقع مثالاً، فقد قام أحد الدعاة يخطب الجمعة في ذروة تأثّر الناس باغتيال العدو الصهيوني للشيخ أحمد ياسين، فأخذ يبيّن للناس بعض الأحكام الفقهية كالطهارة وغيرها، مما جعل غالب الحضور يمتعض منه ومن خُطبته، فلكل مقامٍ مقال.

فعلى العلماء والدعاة أن يعوا أن خطبة الجمعة فرصة عظيمة لهم لتربية الناس وحثّهم على مواجهة الأزمات بالثبات واليقين، ويكونوا عوناً لهم على مواجهة الحزن والشدائد والخروج منهما أشدّاء.

واختتم بالقول: من الملاحظ أن حزبية بعض الدعاة والعلماء باتت تُلقي بظلالها على فاعلية الخطاب الديني في وقت الأزمة، وهذا خطأ، فبدلاً من أن تخفف من حدّة هذه الأزمة أصبحت تؤججها، فبدلاً من أن يكون الداعية سبباً للتآلف والوحدة يكون سبباً للفُرقة والتنازع وتوسيع شرخ الخلاف في المجتمع، ولذا على الداعية العمل على جمع الشمل ورأب الصدع بإصلاح ذات البين، مهما افترق الناس، فيجمع بينهم، وهذا ما أمره الله به.

المفتي دلة

أما المفتي الشيخ حسن دلة، مفتي حاصبيا ومنطقتها، فقال: رجل الدين تقع عليه مسؤولية كبرى لها من الأهمية في المجتمع لترسيخ الاستقرار والأمن والآمان والحفاظ على حياة كريمة لكافة أفراد المجتمع ونشر الأخلاق الفاضلة والحميدة وذلك تآسيا بما علّمنا إياه سيد الأخلاق وقائد الأمة وناشر السلام في الأمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والذي وصفه ربنا في القرآن الكريم {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} والذى وصفه أيضا رب العزّة بقوله {وانك لعلى خلق عظيم}. وإذا ما أخذنا فقط هذين الآيتين وطبّقناهما في مجتمعنا لساد الاستقرار وحلّت السكينة، لأن بالرحمة يصطلح المجتمع وبالأخلاق ننعم بالهدوء والمحبة ونعيش حياة كريمة. فهل نحن العلماء نقوم بهذا الواجب؟ هل نحن لنا دور في بثّ الرحمة والأخلاق في مجتمعاتنا؟

وتابع: لو كان لدينا فعالية بدورنا لما وصلنا إليه من جشع التجار الذين يقتلون الناس كل يوم ونهب أموالهم وتجويع الناس، لو كان العلماء يقومون بدورهم بما أمرهم الله لوجدنا السلام والمحبة سائدة في مجتمعنا، فعلى العلماء مسؤولية كبرى في التنبيه من الاحتكار لأقوات الناس ومحاربة الجشع والفاسدين من ساسة وتجار، وعلى العلماء تنبيه الناس من السكوت عن حقوقهم وما عليهم من حقوق وواجبات، فعلى رجال الدين مسؤولية كبرى في تبيان ما يتعرّض له الوطن من هدم للقيم والأخلاق وفساد في مؤسسات الدوله وإداراتها.

واختتم قائلا: على العلماء العمل بكل جدّ واجتهاد لصون المجتمع وحماية الناس من الغش والاستغلال ومحاربة الغلاء والتنبيه من التجار وفسادهم وقتل الناس في أرزاقهم ومعيشتهم، يجب عليهم الفعل ليس بالقول فقط حتى لا ينالهم قول الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لما تقولون ما لا تفعلون. كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} سمّى الله ذلك مقتا. فلا تكونوا أيها العلماء ممن مقتهم الله وجعلنا الله وإياكم من الذين يعملون.