بيروت - لبنان

اخر الأخبار

30 أيلول 2017 12:04ص مفتي بيروت الشيخ أحمد الأغر يؤرِّخ للسنوات الهجرية الجديدة ( 9)

حجم الخط
  اعتاد عامة البيارتة أن يؤرخوا بالحوادث .فعندما يقال أن فلاناً ولد في الثلجة، فيعني ذلك أن مولده كان في شهر شباط سنة 1920م. وعندما يقال من أيام سفر برلك أي الحرب العالمية الأولى. ويقال من أيام إبراهيم باشا أي سنة 1832 م وما يليها. وكان البعض يؤرخ بواقعات معينة،  كقولهم من طوشة الستين أي فتنة سنة 1860م. أو من طوشة المزرعة سنة 1903م في محلة المزرعة في بيروت .أما من أيام الطليان فيقصد به يوم ضرب الأسطول الإيطالي بيروت سنة 1912م.
اتفق الصحابة على ان يكون مبتدأ التاريخ الاسلامي هو وقت الهجرة وقد وافق  اول محرم 16 تموز 622 ميلادية. ودرج المسلمون في مشارق الارض ومغاربها على الاحتفال في اول محرم استبشاراً بحلول سنة هجرية جديدة.
استعمل العرب الأبجدية بصفة أعداد. ويدعى الحساب بهذه الطريقة بحساب الجمّل أي حساب حروف الهجاء. ذكر عبد الغني النابلسي «أن التأريخ الشعري نوع اخترعه المتأخرون ولهم فيه العجب العجاب» وعرّفه «بأن يأتي الشاعر أو المتكلم بكلمة أو كلمات إذا حسبت حروفها بحساب الجمّل بلغت عدد السنة التي يريد المتكلم من تاريخ الهجرة».
واشترط أصحاب هذا الفن أن يتقدم على ألفاظه لفظ «أرخ» أو «أرخوا» أو ما دل على التأريخ. كما اشترطوا أن تحسب الحروف على صورتها دون مراعاة لفظها فتحسب ألف «فتى» ياء. وتاء التأنيث المنقطة تاء. وغير المنقطة هاء. ولا يحسب الحرف المشدد إلا حرفاً واحداً. والهمزة التي لا كرسي لها لا تحسب. ويستحب فيه أن يدل على نكتة أدبية أو فكاهة أو حكمة.
وقد درج شعراء بيروت على تأريخ دخول السنة الجديدة. فقد أرخ المفتي عبد اللطيف فتح الله دخول سنة 1217 هـ / 1802م بقوله: 
يا حسنها سنة بدتميمونـــــة أوقاتها
وكثيرة وغزيرةإذ أرّخت خيراتها
أما  قاضي بيروت ومفتيها الشيخ احمد الأغر فقد بزّ اقرانه  فقد ارّخ لدخول كل سنة جديدة و أتى في آخر بيت التأريخ بشهرته أي الأغر. 
قال الشيخ أحمد الأغر مؤرخاً عام 1232 هـ / 1816م:
أكرم  بعام  مخصب               أيامــــــه  برُ  ودَر
مذ قد أتى فيه الرخا            فضلاً فأرخه الأغر

وقال في تأريخ سنة 1233هـ/ 1817م: 
في عامنا الخير أتى             مع كل فرح وطرب 
لنا السرور مشرقاً               فيه فأرّخ لا غربْ    
وأرخ عام 1234 هـ/ 1818م فقال:
في عامنا الرخص أتى    لكل قلب قد أسر
مذ أقبل الصفو به        لقبه أرّخ بالأغر
وقال مؤرخاً عام 1235 هـ /1819م:
ذا العام عام الناس في خيراته   
حتى أغيثوا بالرخا في عصره
عمومـــــه  للخلق  سرّ والهنا    
خصوصــــــه   أرّخته   لغرّه 
وأرّخ سنة 1236 هـ/1820م وقد وافق تاريخها لقب المؤرخ أيضاً:
ذي  سنة  ميمونة             على الدنا بأسرها
فيها الغنا مع الهنا أرّختهـــا  لغرّها
ولم يؤرخ الأغر لسنة 1237هـ/1821م فقد كان الأغر سنتها  منفياً في اللاذقية.
وقال الأغر مؤرخاً عام 1238 هـ/1822م: 
تباركت سنة  بالخير  قادمة   
أراح فيها إلآهي القلب والسّرا
سعيدة الإبتدا أسميتها فغدت    
حميدة  الإنتها  أرّخت والغرّا
وقال مؤرخاً عام 1251 هـ/1835م فجاء التاريخ موافقاً للقب المؤرخ أيضاً:
ذا العام قال الشيخ محـ     ي  الدين جا ببشرنا
أتى بنجـــح مقصــــــدوربـــــحٍ أرّخ غرّنا 
وأرّخ عام 1255 هـ/1839م فقال:
عام جديد قد أتى بخيره مع يسره
يظفر فيه بالمنى أرّخ محب غرّه
وحصلت بعد تلك السنة وما تبعها واقعة للمفتي مع ابراهيم باشا  كما شهدت بيروت اضطرابات نتيجة حصارها وقصفها لإخراج الجيش المصري منها.  
وأرخ الشيخ أحمد الأغر عام 1260 هـ/1844م فقال:
ذا عام يسر العام في           خيراته عام  البشر
في  عزّه  وسعــــده              أرخته يحيي الأغر
وارّخ عام 1261هـ/1845م فقال: 
في جديد العام بشّر فابقاً   
بعليّ الرتبة الكبرى يسر
مع عزّ  وسعود  وصفا    
 وبذا  الفرح  أرّخ  للأغر 
وقال مؤرخاً عام 1265هـ/1848م:
أبشر بعام جديد         فيه تغاث  الخلايق
يا ربنا الغرّ أرّخ            بالخير رمّه وامق 
(يقصد  بوامق  المشير وامق باشا والي صيدا وطرابلس الذي اتخذ بيروت مركزاً لحكومته). 
وأرّخ الأغر لسنة 1267هـ/1850م  مادحاً وامق باشا وخصائصه:
عام جديد قد أتى باليمن فيه استأنسوا
فيه ينال خيره مشيرنا الدلهمس
وامقنا بحر الندامنكي العدا العمرّس
برّ الفعال رب أمرنا فذّ وكيّس
أخو الوفا بوعده الصادق العلندس
فيه تغاث الناسشرهم بما قد دمسوا
فزرعهم مباركوما يؤرّخ غرسوا 
(الدلهمس الأمر الغامض والليل المظلم. العمرس من الرجال الشديد القوي في الممارسة والمعالجة. العلندس الصلب الشديد. دمس اشتد). 
 يذكر انه في سنة 1267هـ/1850/51م حضر الى بيروت المولى خليل وهو اول من ولي القضاء فيها بعد ان اصبحت مولوية دورية يعين نائبها من خريجي معهد القضاة في الآستانة. 
وكان آخر تأريخ للأغر لسنة 1268هـ/1851م  وكان سنتها منفياً في طرابلس  فقال: 
عام جديد قد أتى الى الملأ  بالأوس
فخيره الكثير  قد أرّخته  جد أغرسِ
 
*محامٍ ومؤرخ