بيروت - لبنان

اخر الأخبار

2 نيسان 2021 12:00ص نحن لسنا نحن... ومع ذلك نكذب على أنفسنا..؟!

حجم الخط
ما الذي يحصل في هذا البلد المسكين..؟!

وما الذي حلَّ بنا كمجتمع مسلم حتى «تشقلبت» أحوالنا كلها وأصبحنا في عبث من العيش في شتى أمورنا..؟!

فالأخلاق ليست الأخلاق.. والأعمال ليست الأعمال.. والفكر ليس الفكر.. وليس فينا «منا» شيء..؟!

لقد أصبحنا - مع أنفسنا أولا وقبل أي شيء - كالأشباح، نقول بوجودنا ولكن لا نرى أثرا ولا عمل لنا.

ننظر إلى أحوال الغالبية العظمي من الناس، رؤساء ومرؤوسين، مسؤولين ورعية، أئمة ومأمومين، فنراهم كما قال الله تعالى {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ}..

نعم أيها السادة.. بكل صراحة أقول لكم..

المجتمع اليوم بغالبيته بات إما مجموعة من (الإمعات) تتخبّط مع هبوب كل ريح لتتمايل يمينا ويسارا، وكل يفوز بحسب قدرته على (مسايرة) هذه الريح العاتية..؟!

وإما مجموعة من الموتى... الذين لا يقدمون سوى على الأكل والشرب والنوم..؟!

وبالتالي..

نحن كمسلمين لم نعد نحن.. 

وما عاد كلّ منا نفسه...

بل طمسنا نفوسنا.. وأخفينا ذواتنا.. ووأدنا قناعاتنا.. حتى أصبح المجتمع غير المجتمع..!!

انهيار شامل

فالمواطن الصالح الذي يعمل لإعلاء مصلحة البلاد على مصلحته الخاصة حلم بعيد المنال..

والطبيب ذو الرحمة والإنسانية عملة نادرة صعب اللقاء به في عصرنا..

والمدرّس المخلص المدرك للأخطار المحيطة بالأجيال بات كالعنقاء والخلّ الوفي..

والإعلامي الموجّه الذي يغرس معاني الخلق الرفيع في نفوس المشاهدين خيال يطوف في خيالنا ونفتقده في واقعنا..

وكذلك المحامي الصادق.. والسياسي الوطني.. والعامل المجتهد.. والإمام العادل.. والداعية العامل... والطالب الملتزم... والفتاة المسلمة.. والوالد المسؤول... والموظف الأمين والخطيب الصادق...

والنتيجة... أننا ما عدنا «نحن»، وإنما فتحنا دواخلنا طواعية لتحتلها أفكار جهنيمة إبليسية خاطئة، وسلوكيات استغلالية فاسدة تلصصت إلينا واستقرّت حتى شكّلت أشخاصا آخرين متناقضين معنا ولكنهم يسكنون فينا..؟!

ومن ثمّ.. أقدمنا على كل حرام.. وهجرنا كل حلال، فاختلطت المفاهيم والدلالات، وتنازعت الرغبات.

«الدين» الذي هو وحي إلهي مبارك وسنّة نبوية شريفة، اختلط مفهومه بـ «التديّن» الذي هو فهم شخصي لهذا الوحي، ورأينا من حولنا من يريد الدين «تديّنا» لا «دينا»..؟!

و«التعاليم الإسلامية» التي هي نصوص ربانية وأحاديث نبوية، اختلط مفهومها بالفكر الذي هو نتاج مفهوم فرد من الأفراد لهذه التعاليم، فأصبح كلٌ يقول عن فكره أنه .. «الفكر الإسلامي»..!؟

وتاريح فرد أو مجموعة أو بلد مسلم.. بات يروّج له وكأنه «تاريخ الإسلام»..؟!

حتى الأمور التي فيها مجال للاجتهاد، أغلق عليها بالمرصاد ثم قيل بلسان كذب «باب الاجتهاد مغلق»..؟!

وهكذا في كل الأمور.. حتى انقلبت الموازين في نفوس الرجال والنساء والكبار والصغار، فارتبطوا بـ «مفكرين» لا بالفكرة ذاتها، والتصقوا بـ «شخوص» لا بالوطن، وباتوا مدافعين عن «رأي مسلم معيّن» بدلا من أن يكون مدافعين عن الإسلام..!؟

وبالتالي كانت النتائج الكارثية التي نعاني منها، وكانت الكارثة الكبرى فرار كثير من جيل الشباب عن هذا الدين الراقي لأنه لم يروا.. ولم يسمعوا.. ولم يشاهدوا.. ولم يعايشوا.. إلا نماذج منفرة ومشوّهة ومسيئة..؟!

والعجب كل العجب أننا بعد كل هذا الانحدار الشامل نتأمل بخروج جيل يستطيع مواجهة التحديات بفكر صحيح وسليم وصائب، وبعمل ناجح وحضاري..؟!

والأسوأ من كل ما سبق... 

أننا أردنا - وللدقة نقول (أريد لنا) - أن نتعايش مع كل هذا الاعوجاج وأن نتأقلم معه... ثم نقدّمه للناس على أنه هو الدين..؟!

المطلوب فوراً

أيها المتخاصمون مع أنفسكم قبل أي أحد..

أيها المتنكرون لأصالتكم ولأصولكم..

نحن بأشدّ الحاجة إلى عودة صحيحة وواعية إلى ديننا وإلى ثقافتنا وإلى أخلاقنا ورقيّنا وحضارتنا حتى نستطيع أن نشعر بوجودنا.

نحن نحتاج إلى تنقية المفاهيم وتنظيف الدلالات وإثبات ذلك بالعمل الصالح لا بالقول الأجوف..؟!

نحن - وألف آه من نحن - مطالبون بتطهير نفوسنا وأفكارنا وأعمالنا من دنس الآثار الشيطانية التي باتت معلما لكل قول نتلفظ به ولكل عمل نقوم بها بل ولكل موقف نعلنه هنا أو هناك..؟!

وهنا يأتي السؤال...

هل سنعمل على تحقيق ذلك التطهير المطلوب.. أم ستبقى كما نحن حتى نصبح كمن قال عنهم المولى تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ}.





bahaasalam@yahoo.com