بيروت - لبنان

اخر الأخبار

5 تشرين الأول 2023 12:00ص طفلي المراهق…كيف أتعامل معه؟!

حجم الخط
لنعرف لغوياً ماذا تعني كلمة «مراهقة» قبل ان نستعرض مشكلات هذه المرحلة و سلوكلت الطفل خلالها والصراعات بينه وبيننا كأهل…
كلمة مراهقة adolescence مشتقة من الفعل اللاتيني adolescere ومعناها التدرج نحو النضج (الجنسي الانفعالي و العقلي..) وهي مشتقة من الفعل رهق بمعنى قرب، فراهق الشيء معناه قاربه، وراهق البلوغ تعني قارب البلوغ .
أولاً: مراحل طفولية عديدة تسبق مرحلة المراهقة و منها 
١-الطفولة الاولى او المبكرة 
٢-الطفولة الوسطى
٣-الطفولة المتأخرة ومرحلة الكمون 
وخلال هذه المراحل الثلاث يكون نمو الطفل مستمر نعني تحديدا نموه الجسدي الى جانب نموه الذهني،النفسي والعاطفي بالاضافة الى صراعات اوديبية لأخذ مكانه الصحيح بينه و بين كل من الوالدين.
فالفتاة تنجذب الى والدها وتحاول ان تزيح والدتها و الصبي ايضاً ينجذب الى والدته و يحاول ان يزيح والده محاولاً كل واحد منهم «حسب جنسه» ان يفوز بالاخر.
بعد ذلك تأتي مرحلة الكمون بعد سن السادسة فتهدأ صراعات الطفل و ينسى وقتياً 
كل هواماته تجاه اهله كما ان عملية النمو نوعاً ما تخف و لكن طبعاً لا تتوقف..
اذ ان الطفل هنا يكون قد أخذ الشكل و الحجم الخاص به وتتحول جلّ اهتمامته نحو الكمالية و الاهتمام بالدرس والرياضة ولكن طبعا نحن في علم النفس نؤمن بمبدأ هام مُقتبس من علم الكيمياء وهو : 
Rien ne se perd, rien ne se crée, tout se transforme..
اذ أن ما بدأ يتأجج في مرحلة الطفولة،تخمد نيرانه في مرحلة الكمون لتعود و تتحول الى صراعات عديدة لاحقاً في مرحلة المراهقة.
ثانياً: ما من مثال شعبي قديم الا وله معانٍ جوهرية حقيقية 
إن الاجداد قديماً كانوا يقولون عن المراهق التالي: 
ان ذهب لا يعود فوراً..
اذا أكل لا يشبع..
اذا حادثته لا يسمع..
تستوقفني هذه الجمل البسيطة في اللغة و لكن تحليلياً تحمل تحت طياتها الكثير من السلوكات الغريبة التي تميّز طفلنا المراهق في هذه المرحلة و منها:
١-لا يعرف ما يريده تحديداً.
٢-لا يعرف قيمة الوقت ولا يحترمه.
٣-الافراط في تناول شتى المأكولات والمشروبات ويفضل الجاهزة منها ويعترض دائماً على المأكولات التقليدية.
٣-عذراً على استخدام المصطلح ولكن يشعر الاهل احياناً ان طفلهم المراهق عدواً لهم. 
لانه يبحث دائما عما يزعجم ويحاول دائماً ان يتصرف بغرابة ويكون دائما ضدهم .
٤-لا يقبل بنصائح أحد.
٥-تقلبات مزاجية تارة يضحك و يفضل النكات و المزاح و تارة يغضب من ذلك و يفضل العزلة مع مزاج كئيب.
٦-تراوده افكار انتحارية .
٧-تقلبات في المشاعر والاحاسيس.
٨-ايذاء النفس من خلال تشطيب اليدين.
٩-علاقاته مع الاصدقاء قصيرة المدى.
١٠-الشعور بالاضطهاد.
ثالثاً : سمات مرحلة المراهقة تفسّر أسباب سلوكات طفلي الغريبة حسب عمره. 
ففي مرحلة المراهقة المبكرة:
١- تتميز هذه المرحلة بحسب»جان بياجيه».
بالانتقال من التفكير الواقعي(المادي الملموس) المميز للطفل إلى العمليات المنطقية المنهجية.
٢- الشعور بعدم الاتزان.
٣-زيادة إحساس الفرد بجنسه.
٤-نفور الذكور من الاناث والعكس.
٥-اكتمال نمو الاعضاء الجنسية الثانوية مع عدم اكتمال نضجها ودون القيام بوظائفها.
٦-تزايد ضغوط الدوافع الجنسية التي لا يعرف المراهق كيف يتصرف حيالها.
أما في المراهقة الوسطى:
١-يبدأ الطفل بالشعور بالمسؤولية الاجتماعية.
٢-يرغب بمساعدة الآخرين و يمد يد العون لهم،خاصة المسنين.
٣-الانجذاب نحو الجنس الاخر والرغبة بتكوين صداقات متينة.
٤-اختيار الأصدقاء من بين الأفراد الذين يميل المراهق إليهم.
٥-الرغبة في اتخاذ ادوار القيادة.
٦-الميول لدى المراهق تصبح اكثر وضوحاً.
أما في المراهقة المتأخرة :
١-يتحدد التوازن الغددي.
٢-تهدأ الصراعات تدريجياً.
٣-تتضح السمات الجسدية للفرد و تستقر ملامح و جهه.
 ٤-يتعزز الشعور بالاستقلالية.
٥-يصبح قادراً أكثر على التعبير عن الحب تجاه الاخر.
٦-الاعتناء بالمظهر الخارجي.
٧-الاراء تصبح اكثر ثباتاً والنضج يكون واضحا عليه.
٨-الالتزام بقوانين البيت والمبادىء الدينية.
٩-رسم الطموحات والسعي لتحقيقها.
بعدما استعرضنا سمات هذه المراحل الخاصة بالمراهقة بات واضحاً ان ما يسلكه الطفل هو نتيجة لعبة الهرمونات لذلك هو لا يكون مدركاً. 
للأذى الذي يسببه لكم كأهل..
ما عليكم سوى ان تتبعوا الارشادات النفسية التالية من اجل العبور معه نحو البلوغ بسلام:
١- تعزيز القراءة حول مرحلة المراهقة و مخاطرها كي تستطيعوا فهم ما يعانيه طفلكم.
٢- تعزيز مهارات التواصل والاستماع..
وهنا أشدد على مهارة الاستماع قبل التواصل. 
لانه من المهم جدا ان تكون لديكم القدرة على الاستماع له والاصغاء التام لكل ما يرغب بقوله. 
دون توبيخه او الحكم عليه.
٣- ناقش طفلك بحب،حدّق في عيونه عندما يتحدث واظهر التعاطف معه.
٤- المسافة الجسدية مهمة جدا..من خلال الجلوس الى جانبه،التربيت على كتفه.
تقبيله بنعومة ..
٥- تجنّب التدليل الزائد ومغازلته امام الاخرين و كأنه طفل صغير،فهذا ما سيزيد من بعد المسافة بينك وبينه.
٦- تجنّب الحديث عن مشكلاته امام الاخرين  أو الشكوى والتذمّر من صعوبة التفاهم معه.
٧-كن صديقاً ودوداً له قبل ان تهتم بأهمية سلطتك الابوية عليه.
٨-لا تفكر انك اذا تساهلت معه ستفقده،لان مرحلة المراهقة من اخطر المراحل التي تظهر بها الكثير من الاضطرابات النفسية واذا لم يجد الطفل ان والديه هم الداعمين حتماً يلجىء الى جماعات أخرى منها جماعات الادمان والجماعات الدينية الارهابية .
٩-كن متفهّماً لسلوكه مهما كان خاطئاً،لنفترض انك اكتشفته يدخن سرّاً.
او اذا أصر ان يجرب التدخين دعه يختبر هذه التجربة وانت تتحدث ان اضرارها و ان تسأله ماذا افادته؟
١٠- لا تترقبه وتجعله يشعر انه مضطهد ومراقب، بل حاول ان يرتاح هو ان يخبرك بكل ما يشعر به.
المهم ان تتوقف عن التصرف معه كطفل او كراشد.. لانه هو لا يعرف اذا كان لا يزال طفلاً ام انه اصبح راشداً..هذا العبور نحو البلوغ صعب و لكنه سيكون اسهل اذا رافقت طفلك خلال هذه المرحلة وتعاملت معه حسب شعوره هو وليس حسب ما تراه انت صحيحاً.

(مختصّة نفسية)