بيروت - لبنان

اخر الأخبار

أقلام عربية

22 آب 2020 08:41ص العراق أمام الفرصة الأخيرة.. ماذا حقق الكاظمي في واشنطن؟

حجم الخط

قبل وصول رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى واشنطن، كان الحديث أميركيا وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز" عن انسحاب للقوات الأميركية من بغداد في الأشهر المتبقية قبل الانتخابات في 3 نوفمبر. هذا الأمر لم يترجم عمليا في المحادثات بين الجانبين، وتلخص في نجاح الكاظمي في حصد ضمانات أميركية على المستوى الأمني والاقتصادي.

زيارة الكاظمي للولايات المتحدة، الأولى لأي رئيس وزراء عراقي منذ ثلاثة أعوام، هي الأنجح بين أسلافه طبقا لما حصده رئيس الاستخبارات السابق من دعم وتعاون استراتيجي ونظرا لمستوى الاهتمام الذي لقيه من الأميركيين بشكل دفعه إلى تمديد الزيارة بدل المغادرة يوم الخميس.

النجاح الاقتصادي كان في توقيع عقود نفطية وصل حجمها الـ8 مليار دولار مع شركات أميركية ستتيح لبغداد استنهاض قطاعها النفطي وتقليل الاعتماد على إيران. هذه الشركات هي شيفرون وهانيويل أنترناشونال وبيكر هيوز وجنرال إلكتريك وستيلر إنرجي. في الميدان الإنساني، قدمت الإدارة الأميركية مساعدات وصلت إلى 204 مليون دولار للعراق للمساعدة في ملفات اللاجئين، التنمية وتفشي وباء الكورونا.

الا أن المستوى الأنجح للزيارة يتمثل اليوم بالصعيد السياسي والأمني وبحيث كان هناك وضوح أميركي بالتزام واشنطن بمساعدة بغداد وضرورة التصدي للميليشيات المدعومة من إيران. الرئيس الأميركي دونالد ترامب أكد للكاظمي من البيت الأبيض أن القوات الأميركية "موجودة في العراق لمواجهة أي تحرك إيراني محتمل في حال اضطرها الأمر".

مسؤول كبير في الادارة أكد للصحافيين يوم الأربعاء أن الزيارة لن تخرج بجدول زمني للانسحاب، بل ستبحث التنسيق الأمني بين الجانبين.

هذا يعني أن لا انسحاب أميركي سريع من العراق وأن الكاظمي أمامه فسحة أمنية وسياسية لمحاولة التعاطي مع الجماعات المسلحة في بغداد ونيل التزام أميركي باستمرار الدعم لعدم عودة داعش وتقوية السلطة المركزية أمنيا في العراق.

فالصواريخ والاعتداءات التي طالت القواعد العسكرية ذات الوجود الأميركي والهجمات على متعاقدين مع الجنود الأميركيين غيرت العمل التكتيكي للقوات الأميركية، إلا أنها لن تجبرها على الانسحاب.

الكاظمي يمثل اليوم فرصة حقيقية قد تكون الأخيرة أمام العراق لتقوية البنية التحتية للدولة العراقية بعد 17 عاما على الغزو، ولإصلاح علاقات بغداد مع الجوار من ضمنهم دول مجلس التعاون الخليجي ومع إيران وتركيا على أساس احترام السيادة العراقية.

وفي الوقت عينه، ثمة تحديات جمة أمام الكاظمي، أبرزها الفساد وسلطة الميليشيات. فكيف يتم قنص نشطاء في وضح النهار في البصرة وبغداد والناصرية وكربلاء في جرائم تستهدف ترهيبهم، واغتيلت الأربعاء الناشطة رهام يعقوب بعد اغتيال هشام الهاشمي الشهر الفائت وعلي الخافجي وتحسين علي وكوكبة من الناشطين؟

أين المحاسبة وأين هيبة الدولة العراقية ومسؤوليتها بحماية شبابها وشباتها؟ لا يكفي إقالة مسؤولين في وزارة الداخلية وإصدار بيانات وتغريدات منددة، المطلوب اليوم العدالة ومحاسبة المجرم ومن يقف وراءه وكشف هوياتهم.

الملف والتحدي الثاني هو الفساد. فكيف يعقل أن خامس أغنى دولة نفطية في العالم عاجزة عن تقديم أبسط الخدمات الكهربائية والمائية لمواطنيها وتعاني عجزا بما يقارب الـ24 مليار دولار وأكثر من 25 في المئة من نسبة البطالة بحسب أرقام البنك الدولي؟

الدعم الدولي والزيارات الدبلوماسية قد تنجح في شراء الوقت ومنح بعض الاستقرار الأمني للكاظمي في بغداد، بيد أن التحدي الأصعب هو الداخلي ومحاربة شبح الفساد والتفشي الميليشياوي في البلاد.

هذا هو امتحان العراق الأكثر تعقيدا، والذي على أساسه سيتقرر مستقبله بين دولة ذات سيادة تحمي شبابها وتحاسب المجرمين، ودولة تتفكك في الداخل وغير قادرة على كسر قبضة الميليشيات ومن يحميها في الخارج.


المصدر: الحرة