بيروت - لبنان

اخر الأخبار

1 أيلول 2020 12:01ص «الأسكوا» تواصل التحذير: نصف سكان لبنان سيتعذّر حصولهم على احتياجاتهم الغذائية!

حجم الخط
«في خريف ذلك العام عانت البلاد ضيقا عظيما. وجاءت الى العاصمة جماهير الجائعين من أنحاء البلاد فتحوّلت الى بؤرة من الأمراض والأقذار. وفي أواخر ذلك العام اشتدّت المجاعة. سدّت أبواب الرزق ومات من مات على الطرقات، أو لقى حتفه في عديد المناطق على يد قطاع الطرق. كان الناس تبيع أثاث البيت بأبخس الأثمان: السجاد، الكراسي، نوافذ البيت خلعوها وباعوها ليردّوا غائلة الجوع. دجاجات الميسورين وديوك الحبش تشبع والناس تموت جوعا. الغزلان والطواويس والقطط تملأ جوفها ويترهل جسمها، ومئات البشر يتكدسون على حافات الطرق بأسمال بالية وبأمعاء فارغة تصفر، وعيون لا تصلح الا للبكاء». 

«تنذكر وما تنعاد»

هذه الصورة التي رسمها الأديب الراحل توفيق يوسف عواد عن المجاعة الكبرى التي حلّت بلبنان العام ١٩١٧، ينطبق عليها المثل الشهير «تنذكر وما تنعاد» الذي يردده اللبنانيون عادة كلما ألمّت بهم محنة أو ضائقة. وقد جاءت الدراسة الجديدة الصادرة عن «الأسكوا» التابعة لهيئة الأمم المتحدة لترسم بالأرقام ما يكاد يشبه ارهاصات مجاعة مرتقبة، منها انه «بحلول نهاية هذا العام سوف يتعذر على ٥٠% من سكان لبنان الوصول الى احتياجاتهم الغذائية».

وانه «في تموز هذا العام ارتفع متوسط سعر المنتجات الغذائية بنسبة ١٤١% مقارنة بتموز ٢٠١٩».

وان «ارتفاع كلفة الانتاج الزراعي قد يفوق ٥٠% لمختلف الأنظمة الزراعية ما سيحدّ من الانتاج الزراعي المحلي في المدى القريب بسبب ضعف المهارات الفنية ونقص البنى الأساسية اللازمة».

وانه «لا بد من إنشاء خط ائتمان زراعي وإعطاء الأولوية لبرامج الأمن الغذائي».

وان «انخفاض قيمة الليرة اللبنانية أدّى الى تضخم كبير يتوقع أن يتجاوز متوسطه السنوي ٥٠% خلال هذا العام مقابل 2,9% فقط عام ٢٠١٩».

الدراسة الجديدة لـ «الاسكوا» جاءت بعد أقل من شهر على دراسة أكدت خلالها ان نسبة الفقراء في لبنان ستصل الى ٥٥% هذا العام (وهو رقم قريب من أرقام دولية أخرى في طليعتها البنك الدولي) وأن نسبة الذين يعانون من الفقر المدقع في لبنان، ارتفعت ٣ أضعاف من ٨ الى ٢٣%, خلال الفترة نفسها. وان العدد الاجمالي للفقراء في لبنان أصبح يفوق الـ2,7 مليون شخص حسب خط الفقر الأعلى (معدل دخلهم اليومي حسب «الاسكوا» ١٤ دولارا. فيما تقديرات مؤسسات دولية أخرى أن خط الفقر الأدنى ٢ دولار في اليوم). وأن هذا يعني عمليا تآكل الطبقة الوسطى بشكل كبير، وانخفاض نسبة ذوي الدخل المتوسط الى أقل من ٤٠% من السكان». وأنه «حتى طبقة الميسورين في منأى عن الصدمات، حيث تقلصت الى ثلث حجمها من ١٥% عام ٢٠١٩ الى ٥% عام ٢٠٢٠».

يشار الى انه في نيسان ٢٠٢٠ ذكرت «الاسكوا» ان جائحة الكورونا ستضيف 8,3 ملايين شخص الى عدد الفقراء في المنطقة، بحيث يصل العدد الاجمالي الى 101,4 فقير. وان حوالي ٥٢ مليونا سيعانون من نقص التغذية.