بيروت - لبنان

اخر الأخبار

26 تموز 2021 12:01ص المازوت المفقود في البلد المنهوب!

حجم الخط
إعلان حاكم مصرف لبنان عن توجّه المصرف لوقف الدعم بشكل نهائي وان على الدولة اللبنانية أن تبدأ منذ الآن البحث عن مصادر أخرى لتمويل استيراد المواد الأولية، تسبب في المزيد من اشتعال أزمة المازوت المستعصية التي بدأت بإعلان المديرية العامة للنفط ان مخزونها في منشآت النفط في طرابلس والزهراني من المازوت وصل الى حدّه الأدنى وهو مخصص للحالات الاستثنائية والطارئة، الأمر الذي رفع سعر الصفيحة في السوق السوداء الى ١٤٠ ألف ليرة، مع توقّع خبراء الطاقة انه عندما يرفع الدعم بشكل نهائي فإن سعر الصفيحة سيصل الى ٣٥٠ ألف ليرة! في وقت دقت كل القطاعات الاقتصادية جرس الإنذار بدءا من المستشفيات التي أعلن نقيبها ان المتوافر لديها من مادة المازوت لا يكفي لأكثر من أسبوع في ظل انقطاع الكهرباء أكثر من ٢٠ ساعة وان عددا من المستشفيات مهدّد بنفاد المازوت خلال ساعات ما يعرّض حياة المرضى للخطر، في حين أعلن وفد الصناعيين خلال لقائه مع حاكم مصرف لبنان انه بسبب فقدان المادة فإن المصانع مهددة بالتوقف عن العمل والإقفال التام بما من شأنه تهديد الأمن الاستهلاكي والغذائي والدوائي والصحي للبنانيين في ظل قيام المصانع اللبنانية بتأمين معظم هذه الامدادات للسوق المحلية لا سيما مع تراجع القدرة على الاستيراد بسبب شح الدولار ما تسبب في إقفال عدد من المصانع التي تستعمل طاقة مكثفة، أي فيول ومازوت، بكميات كبيرة ما بين ١٥ الى ٢٠ طنا يوميا، الى حين توفر المازوت الذي دخل غياهب السوق السوداء والتخزين إضافة الى التهريب الحاصل عبر الحدود حيث لا رقيب ولا حسيب. والدليل ان استيرادات لبنان من المحروقات خلال ٦ أشهر من هذا العام بلغت مجموع ما استورده منها خلال عام ٢٠١٩ بكامله، جزء كبير منه جرى تهريبه وجزء صغير جرى تخزينه ما أدّى الى فقدان المادة من الأسواق وارتفاع السعر على حد قول حاكم مصرف لبنان خلال لقائه مع وفد جمعية الصناعيين «ان تهريب وتخزين مادة المازوت ألحقا ضررا شديدا بالاقتصاد اللبناني»، في وقت حذّر قطاع الفنادق والمؤسسات السياحية من مخاطر الأزمة لا سيما بوجود عدد كبير من المغتربين الذين أمّوا لبنان خلال موسم الصيف الحالي، إضافة الى تحذير اتحاد المخابز والأفران من أزمة رغيف بعد نفاذ احتياطي المازوت المتوافر لديهم، وتحذير أصحاب المولدات الخاصة بأنه في ظل التقنين الحاصل في كهرباء الدولة لأكثر من ٢٢ ساعة فإن فقدان مادة المازوت سيؤدي الى التوقف عن تزويد المشتركين بالطاقة وذلك بعد أن رفعوا بدل الاشتراك الشهري بمعدل ١٠٠% الى ٥٠٠ ألف ليرة عن الـ٥ أمبير والى المليون ليرة عن الـ١٠ أمبير. وفي حال استمرار الأزمة والاضطرار للجوء الى السوق السوداء للحصول على المادة بأسعار مضاعفة عن مستوى الأسعار الحالي وعلى طريقة «مصائب قوم عند قوم فوائد» فإن أصحاب المولدات في حال ندرة توافر المازوت قد يغتنمون الفرصة برفع بدل الاشتراك الى ٤ أضعاف البدل الحالي بما يجعل الحصول على كهرباء المولدات مقتصرا على الطبقات الميسورة وذلك بعد أن انهارت الطبقة الوسطى الى قعر الطبقات المعوزة والفقيرة.

وأمام هذه الأزمة المستعصية التي تهدد بنسف ما تبقّى من البنية الاقتصادية والاجتماعية في البلد لم يكن أمام حكومة تصريف الأعمال من حلول سوى وعد من رئيسها «بفتح تحقيق يكشف المتلاعبين والمحتكرين» ودائما بعد أن تكون الأزمة قد بلغت حد السيف وبلغت أضرارها على البلد والاقتصاد والمواطن الحد الأقصى وبات حلّها شبه مستحيل بحيث ينطبق عليها القول المأثور: «أفضل من تأتي ولو متأخرا من لا تأتي على الإطلاق». وهذا أضعف الإيمان لدى حكومات آخر زمان!