بيروت - لبنان

اخر الأخبار

7 أيلول 2021 07:59ص جهنم الأرقام.. حقائق تُشعل حرائق

حجم الخط
رفع الدعم عن المحروقات والجزء الأكبر من الأدوية والسلع المعيشية، يحتاج الى دراسات واحصاءات تفصيلية لكل السلع من مختلف الأنواع والأسعار، وبمعزل عن المبالغات أو المناقصات في التقدير وبما يؤدي الى إعطاء صورة دقيقة وربما خطيرة جدا عن الواقع الاستهلاكي ولا سيما المعيشي. والمشكلة ان لبنان بين البلدان التي يخضع فيها الاحصاء لضغوط أو ميول أو اعتبارات سياسية تخفي فيها الدولة الأسعار الحقيقية لا سيما المعيشية حتى تتجنب المزيد من نقمة الشعب، أو يخضع لأهداف تصب في مصالح اقتصادية دون أخرى تدخل في باب المنافسات والصراع بين القطاعات، لدرجة ان الرئيس سليم الحص وصف الرقم في لبنان بأنه «وجهة نظر»!

والاحصاءات التالية توضح بالأرقام التغيّرات في أكلاف بعض السلع المعيشية الحاصلة والخدماتية بعد رفع الدعم.

- عندما ارتفع سعر البنزين في حزيران ٢٠٢١ من ٤٥ ألف ليرة الى ٧٠ ألف ليرة، ارتفعت تعرفة النقل (السرفيس) من ٤ آلاف الى ٨ آلاف ليرة. وبعد رفع الدعم سيرتفع سعر صفيحة البنزين الى ٣٨٠ ألف ليرة وسترتفع أجرة النقل (السرفيس) الى 50 ألف ليرة. أي أكثر من ثلاثة أضعاف بدل النقل الحالي البالغ ١٥ ألف ليرة بما لا يمكن تحمّله بدءا من قبل موظفي وعمال الدولة إلا ربما من قبل نحو ٣٠ ألف منهم من فئة قليلة جدا أصحاب الرتب والرواتب العالية، بينما الـ٣٠٠ ألف موظف من ذوي الرواتب الأقل إلا ببدلات إضافية عالية تزيد في أعباء الخزينة، وحتى قبل أن ندخل في المطالبات بتعديلات أساسية في رواتب وأجور هؤلاء الموظفين والعمال بما يشكّل قنبلة تضخمية موقوتة قابلة للانفجار.

- وفي نموذج آخر على سبيل المثال هو أوضاع المياومين في مرفأ بيروت الذين يتقاضون ٣٣ ألف ليرة بدل يومي، لن يكون بمقدورهم الذهاب الى عملهم إلا ببدلات إضافية يومية تزيد في أعباء المرفا الواقع أصلا في تراجع واردات بسبب عوامل إدارية وتقنية حتى قبل الانفجار المروّع فكيف بعده وبعد رفع الدعم عن البنزين وعن المازوت الذي يشكّل مادة أساسية في أعمال مرفأ بيروت.

- ويمكن تطبيق هذه المقاييس نفسها على وضع القوى الأمنية أو أي عسكري أو أي موظف وعامل في القطاع العام أو الخاص، سيكون عند ارتفاع أجرة (السرفيس) بعد رفع الدعم الى ٥٠ ألف ليرة، محتاجا الى ١٠٠ ألف ليرة ذهابا وإيابا يوميا أو ما يعادل عن ٢٦ يوم عمل، نحو 2,6 مليون ليرة شهريا، إضافة الى كلفة الـ٥ أمبير كهرباء لن تقل بعد رفع الدعم عن 2,5 مليون ليرة شهريا، أي الى ما مجموعه 5,1 مليون ليرة كل شهر كلفة نقل وكهرباء فقط. ناهيك عن كلفة الأكل والماء والسكن والصحة والتعليم والصيانة وباقي الخدمات. علما ان كلفة الطعام وحدها لأسرة من ٥ أشخاص لن تقل عن ٥ ملايين ليرة شهريا إذا أضيفت وحدها الى كلفة النقل والكهرباء لبلغ المجموع نحو ١٠ ملايين ليرة شهريا، وذلك دون احتساب أكلاف السكن والصحة الى التعليم والصيانة وباقي الخدمات والمواد من الغاز والمازوت الى الصيانة وأدوات التنظيف!

وهذا الواقع المروع الذي وصفته الأسكوا لا سيما بعد رفع الدعم بأنه سيكون حال ثلاثة أرباع اللبنانيين، ستستدعي مواجهته رفع الحد الأدنى للأجور الى ما يقل عن ٨ ملايين الى ١٠ ملايين ليرة لبنانية (بين ٤٠٠ و٥٠٠ دولار شهريا بسعر الصرف في السوق الموازية).

- ارتفاع سعر صفيحة المازوت بعد رفع الدعم الى ٢٨٠ ألف ليرة، سينعكس ارتفاعا في أسعار المنتجات الصناعية الوطنية، وسيؤثر على حصة هذه الصناعة في السوق المحلية، بعدما ارتفعت هذه الحصة أخيرا بشكل ملحوظ، وعلى قدرتها التنافسية في الخارج. كلفة المحروقات تشكّل ٥% من أكلاف الانتاج الصناعي لكنها تصل الى ٤٠% في الصناعات الوسيطة وصناعات الطاقة المكثفة والتغليف من بلاستيك وورق وكرتون وزجاج.

- في قطاع البناء سعر طن الأسمنت كان على أساس سعر الدولار بـ١١ ألف ليرة، ومع وصول سعر الدولار الى ٢٠ ألف ليرة، وكافة المواد الأولية تحتسب بالدولار، سيصبح سعر الطن مليون و١٠٠ ألف ليرة يضاف إليه الـT.V.A وكلفة النقل فيصبح السعر مليون و٤٠٠ ألف ليرة.

- سعر ربطة الخبز سيكون ١٠ آلاف ليرة وعندها لن يكون للمطاحن القدرة على العمل.

- على الصعيد الزراعي سترتفع كلفة الانتاج بسبب رفع الدعم عن المحروقات كتشغيل مولد الري وجرار الحراثة وكلفة النقل في الشاحنات من المناطق الزراعية الى المدن، ما يضطر المزارع الى رفع الأسعار لتعويض كلفة الانتاج العالية في وقت تنهار بالمقابل القوة الشرائية للرواتب والأجور، ما يدفع المزارع الى انتاج أقل مما يقلّص الكميات المتوافرة في الأسواق ويزيد في ارتفاع الأسعار، فضلا عن اضطراره لصرف موظفين وعمال ما يزيد في حجم البطالة وفي المخاطر الاجتماعية والأمنية.

- على صعيد الدواء حتى قبل الحديث عن رفع الدعم تقلص استيراده رغم صرف مصرف لبنان ملايين الدولارات لشركات استيراد الأدوية وشركات استيراد المستلزمات الطبية، ومع ذلك الأسواق فارغة منها إلا النزر القليل الذي سيتضاءل بدوره، وتدخل عندها الأسعار المرتفعة باستمرار في غياهب السوق السوداء.