بيروت - لبنان

اخر الأخبار

11 آذار 2021 07:13ص في يومها العالمي.. عبارة ECO - NOMY لا تعني «إقتصاد» بل «إدارة شؤون البيت»!

حجم الخط
 في يوم المرأة العالمي، أتذكّر أن THREAD NEEDLE STREET أو شارع «خيط الابرة» هو اسم المكان الذي الذي يضم مبنى المصرف الذي عملت فيه خلال فترة الخمسينيات في لندن. أما سبب التسمية فلأن النساء الانكليزيات كانوا «يخيطن» فيه ثياب الجنود الذين يحاربن في جبهات القتال، قبل أن ينتقلن للعمل في بنك انكلترا المركزي الذي كان في الشارع نفسه حيث ما يسمّى «السيتي» التي تحتضن كبريات المصارف التجارية وبورصة لندن ومجلس الذهب العالمي والعديد من شركات المال والاستثمار والتأمين.

فقد شجّعت الأجور المتدنية للمرأة المؤسسات المصرفية والاقتصادية على استخدام العنصر النسائي على مرِّ السنين لغاية صدور التشريعات الحديثة في إنكلترا وأوروبا عموما والولايات المتحدة ولا سيما قانون ١٩٦٤ الأميركي الذي نص على «المساواة الكاملة» في العمل والأجر بين الرجال والنساء. وتلاه في العام ٢٠١١ التزام المؤسسات في الاتحاد الأوروبي بزيادة عدد النساء في مجالس الادارات تدريجيا من 13,75% إلى ٣٠% حتى العام 2015 و٤٠% حتى العام ٢٠٢٠. وكان من ضمن الأسباب الموجبة أن نصف الاقتصاد يبقى مهددا إذا لم تفتح الأبواب أمام المرأة لمشاركة الرجل في عملية التنمية.

علما وبالمناسبة، أن ECONOMY المؤلفة من الكلمتين اليونانيتين (ECO) و(NOMY) تعنيان (إدارة) (البيت) أي اختصاص المرأة أكثر من اختصاص الرجل. وعكس ما تعنيه كلمة «اقتصاد» التي هي أقرب الى التوفير وانقباض اليد، في حين أن إدارة شؤون «البيت» أو «الدولة» قد تتطلب زيادة الانفاق أو الاستثمار والاختيار بين بدائل ليست كلها بالضرورة التقشف كما يصرّ بعض الاقتصاديين أحيانا الى حد «التقتير». فكما أن الزائد أخو الناقص كما يقال، الناقص أخو الزائد. والعبرة بحسن الاختيار.

ولعل إبعاد المرأة عن دورها الأساسي في شؤون الدولة التي هي «البيت الكبير»، هو الذي أعطى الرجل الأولوية في تولي المهام الاقتصادية حتى بات عدد النساء اللواتي أعطين نظريات مهمة في «علم الاقتصاد» أو نلن جوائز «نوبل» في هذا الاختصاص أقل جدا بما لا يقارن بالعدد الهائل من الرجال كبار الاقتصاديين في العالم من سميث وريكاردو ومالتوس ومارشال الى ماركس وكينز وشمبيتر وفريدمان والعشرات سواهم. حتى ان كتاب «صمولصن» ECONOMY الذي كان يدرّس على مدى السنين لطلاب السنة الأولى في الجامعة الأميركية في بيروت ومئات الجامعات في العالم يخلو من ذكر أي نظرية لـ «عالمة اقتصاد» وذلك قبل أن تفوز بجائزة نوبل للعلوم الاقتصادية في الستينيات، «الينور اوستروم» و«إستير دوفلو» التي تشاركت بالجائزة مع اثنين من العلماء الرجال.

وفي لبنان..

نادرا جدا ما تولّت المرأة اللبنانية مهام اقتصادية رئيسية طوال أربعينيات منذ الاستقلال وحتى العام ١٩٥٤ عندما نالت في عهد الرئيس كميل شمعون حق الانتخاب والترشح للنيابة وفازت بعدها وحتى اليوم بمقاعد نيابية ووزارية، ودون رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء على غرار انديرا غاندي في الهند وبناظير بوتو في باكستان وتانسو تشيلر في تركيا وكورازون اكينو في الفيلبين وميغاواتي سوكارنو بتري في اندونيسيا والين جونسون سيرليف في ليبيريا وأنجيلا ميركل في ألمانيا ومارغريت تاتشر في بريطانيا وفاديس كريسون وماري ماكليس في ايرلندا وتيم كامبل في كندا وايفيتا بيرون وكريستينا فرناندز، ونيستور كريشنر في الأرجنتين وديلمارو سيف، وديلما روسيفا في البرازيل وسولومون باندرانيكا في سريلانكا... وليس في لبنان أو في أي بلد عربي مع أن تاريخ الشرق العربي حافل بأسماء «بلقيس» و«حاتشبسوت» و«شجرة الدر» و«كليوباترا» و«زنوبيا» وقبل مئات أو آلاف السنين من «فيكتوريا» و«اليزابيت» في انكلترا و«كاترين» في روسيا.

وفي دراسة الاقتصادي - ALVIN H. HANSEN ان للنساء دورا أساسياً في التقدم الاقتصادي وأن مساهمة المرأة في الانتاج الذي حصل عليه البشر في أعمال البيوت والحمل وتربية الأطفال والتعليم والزراعات ومختلف أنواع الحرف والمهن القديمة والمستحدثة عبر التاريخ لا يقل عن دور الرجل وانها «لبوة» في الحكم وفي السياسة والإدارة بدرجة لا تقل عن دور «السباع» الذين صنعوا الحروب والتخريب والتدمير!.. ومع ذلك فان ما تحصل عليه المرأة لا يصل الى ثلث ما يحصل عليه الرجل. فيما الآية «لهن مثل الذي عليهن بالمعروف» من (سورة البقرة ٢٢٨) تساوي أجر المرأة بأجر الرجل، وقبل أن يعرف العالم التشريعات والمعاهدات والمواثيق الأممية بأكثر من ١٤٠٠ عام!