بيروت - لبنان

اخر الأخبار

16 أيلول 2022 08:08ص ممارسات المصارف لا تساعد الناس على استعادة ثقتهم بها!

حجم الخط
كلنا يعي ويدرك أهميّة القطاع المصرفي واستمراره، وبأنه نبض الاقتصاد. وكما قالت الهيئات الاقتصادية في بيان أنّه يجب الحفاظ عليه وعدم دفعه الى الإفلاس، لأن تحقيق أي نهوض إقتصادي يعتمد بشكل أساسي على سلامة القطاع المصرفي عبر توفير التمويل وتشجيع الإستثمار. لكن في المقابل، ماذا تفعل البنوك لإعادة الثقة بها؟ فكل ما تقوم به من ممارسات خصوصا مؤخرا، كأنها تساهم في زيادة فقدان ثقة الناس بها أكثر وأكثر، وهي على أي حال لم تعد تقوم بالدور أو بالوظائف التي نشأت على أساسها، فلا فتح لحسابات جديدة ولا ودائع ولا تحويلات ولا قروض. كأنها بمعنى آخر تساهم في تدمير نفسها بنفسها!
السؤال المطروح هل لهذه الممارسات علاقة بإقتراب موعد إعادة هيكلة القطاع المصرفي؟ إذ أنّ عددا من المصارف ستذوب في أخرى بالسوق فيما سيستمر بعضها ويقوى. ألهذه الأسباب نرى المعاملة تختلف من مصرف الى آخر، فضلا عن الاستنسابية التي تمارسها كل البنوك بين عميل وآخر؟ وماذا عن الرأي القانوني حول امتناع المصارف عن استلام شيكات في الحساب أو التحويل من حساب الى آخر حتى للعميل نفسه؟
أشارت المستشارة القانونية لجمعية «أموالنا لنا» المحامية مايا جعارة، الى ان توقف المصارف عن الدفع أصبح واقعاً لا يمكن للقضاء تجاهله.
والملاحظ اليوم بحسب جعارة، انّه وبالرغم من صدور أكثر من مذكّرة وتعميم من مصرف لبنان يلزم البنوك «بعدم رفض إيداع الشيكات في حساب العملاء» (مذكرة رقم 14/2020) كما والتعميم الوسيط رقم 611 (قرار رقم 13405 تاريخ 25/1/2022) الذي يلزمها بعدم رفض الشيكات التي يودعها العملاء في حساباتهم الجارية إلا لأسباب جوهريّة تتعلق بتبييض الأموال وتمويل الارهاب، إلا أنّه وعلى أرض الواقع المصارف تمتنع عن ‏قبول شيكات عملائها باستنسابيّة مفرطة ودون أيّة مبررات.
كما و‏ان بعضها يمتنع عن إجراء عمليّات تحاويل داخليّة من حساب شخص لحساب شخص آخر، وحتى وصلت في بعضها الآخر مؤخراً الى منع التحاويل من حساب الشخص نفسه الى حسابه الآخر في نفس المصرف، يضاف الى ذلك بحسب جعارة، انها أوقفت إستفادة العميل من أيّ خدمة في بطاقاته الائتمانية، لا بل انها زادت بالمقابل حسم مبالغ طائلة شهرياً لإذعان العميل بالتخلّي عن البطاقة.
ولفتت الى ان المصارف متوقفة عن اتمام الخدمات البدائيّة والبديهيّة التي على المصرف القيام بها، حتى انها لا تتقيّد بالتعاميم غير القانونية أصلاً عندما لا تكون في مصلحتها.
‏فبعض البنوك متوقفة عن أداء نشاطها الطبيعي وأضحت شركات متوقفة عن الدفع، لا بل أكثر فهي تعطّل حركة التداول والدورة الاستهلاكيّة وأصبحت عبئاً على الاقتصاد!
فلذلك تقول جعارة انه لم يبقَ للمودعين إلا التقدَم بدعاوى التوقّف عن الدفع بوجه المصارف عملاً بالقانون 2/67 الذي من شأنه إنقاذها وأموال المودعين فيها. موضحة ان القانون يقضي بتعيين لجنة إدارة تتخذ التدابير الاحتياطيّة للحفاظ على أموال المودعين. بعدها تجتمع المحكمة المصرفيّة الخاصة لدرس الوضع وتستدعي رئيس مجلس الإدارة لاستيضاحه، وإذا لم تقتنع تعيّن مديراً موقتاً لتشكيل لجنة مؤلفة من متخصّصين وممثلين عن المساهمين وآخرين عن الدائنين (أي المودعين) تحلّ محلّ مجلس إدارة المصرف، ويعود لها درس الوسائل لإعادة الهيكلة أو الدمج أو بيع الأسهم، وذلك خلال مهلة 6 أشهر كما ويعود لها إدارة المصرف ويبقى خلالها شغّالا بشكل طبيعي.
هذه اللجنة تضع حدًّا للاستنسابية وتوصل المصرف الى التعافي، وأهمية هذا الإجراء انّه يؤدي الى حجز احتياطي حكمي على أموال أصحاب القرار (أعضاء مجلس الإدارة، المدراء التنفيذيين ومفوّضي المراقبة وزوجاتهم وأصولهم وفروعهم) لإنقاذ المصارف والحفاظ على أموال المودعين، خاصة وان دراسة من هو مرتكب من القيّمين على البنك، ومن ليس مرتكباً يؤدّي الى تخفيض الفجوة الماليّة عن طريق إستعادة أموال المرتكبين التي قد سبق وهرّبت في المرحلة السابقة وإعادتها الى حسابات المصرف، بحسب جعارة.
إذن في الخلاصة يجب التسريع في إعادة هيكلة البنوك وخطة التعافي لأن الوضع لم يعد يحتمل!