بيروت - لبنان

اخر الأخبار

19 شباط 2020 12:00ص أنماط القياسات البصرية وتحدّياتها المتنوّعة في أعمال الفنان فرانك كريستين

من المعرض من المعرض
حجم الخط
تقبض عدسة الفنان «فرانك كريستين» (Franck Christen) على الضوء، فتمنح الأشياء طبيعة خاصة ميّالة إلى الابيض والأسود، وبأناقة بصرية ذات مقاييس ضوئية يحافظ عليها في جميع أعماله، لذا تبقى انطباعاته عن الطبيعة غامضة برغم بساطتها، إذ تثير أشجار الصنوبر تحديداً فضوله التصويري، لطولها وقدرتها على تفريق الضوء والقبض عليه من خلال عدسة، فيجمعه «فرانك كريستين» ضمن أنماط القياسات البصرية وتحدياتها المتنوّعة المثيرة لأحاسيس الجمال في الطبيعة والحياة وبحيوية بصرية تكوينية تضع أوراق شجرة الصنوبر في عتمة هي نهج تصويري التزم به، لتكوين صورة مخالفة للطبيعة، ولكنها قادرة على الاحتفاظ بالمفاهيم الفنية من خلال الشكل الذي تتخذه العدسة موضوعا لها مثل أشجار الصنوبر في ميدان سباق الخيل في بيروت، ومن فيلا بورغيزي في روما، وبلون ضوئي مزجه بقوة السيطرة على الضوء والظل من خلال شجرة ذات طول يساعد على تمدد الضوء اثناء التقاط الصورة في فترة محددة. فهل يحاول كريستين منح هذه الشجرة رفاهية بصرية؟ إذ تساعد على تقليل مستويات ثاني أكسيد الكربون في الأجواء، وتمنح البصر قوة جمالية خاصة تشترك فيها جميع البلدان التي تهتم بهذه الشجرة تحديداً التي أثارت عدسة «فرانك كريستين» وتحوّلات عدسته بديناميكية جعلت الصورة تعتمد على الأبيض والأسود أو السيطرة على الضوء من خلال عدسة تجمع باقة من أشجار الصنوبر رغم كبر حجمها، فتتخذ نوعا من الإنعزال الطبيعي الكلاسيكي في نهجه المغاير لمفهوم الطبيعة الخضراء وألوانها الزاهية. فهل يتحدّى الألوان من خلال السيطرة على ضوئيات الأشياء التي يراها بشكل مستقل وحزين نوعا ما؟

تكشف عدسة «فرانك كريستين» عن كنه الظل وقدرته على خلق جمالية خاصة بهذه الشجرة التي ربطها بالأمكنة الخاصة فيه مثل «فيلا بورغيزي» وما تمثله أشجار الصنوبر فيها، والفروقات بينها وبين أشجار الصنوبر في بيروت، والتي تتنفس من العلو عبر هالة طبيعية يستبدلها بالمعرفة المغطاة بالخط العامودي، والدائرية الضوئية، ليغيّر النظرة الفنية في التقاط الصورة من حيث العامودي والدائري وقوة الشجرة في الاحتفاظ بجمالية وجودها وتجذّرها، وتعاليها وخشوعها حتى أمام قوة البصر أو قوة العدسة البصرية التي تدفع الى التأمّل والبحث عن المضيء في زوايا صورة تحتفظ شجرة الصنوبر فيها على التنفس، أو خلق الضوء الموحي بثباتها المتوسطي المضاد لضوء الماضي أو المتمسك بزواياه، والقادر على جمعه في كف شجرة حيث تبرز تفاصيلها مع الظل بتحدّيات شاعرية، كأنها تهمس للعدسة وتتغاوى ضمن التكوين الضوئي أو تكوين الظلال التي تبعدها عن حدائق ليست فيها، كأنه يعيدها الى روما أو الى الماضي الذي نشأت فيه قبل أن تنتقل الى أرض بيروت. فهل يحاول كريستين منحها رمزية الظلال ليعود بها الى طبيعتها وألوانها في فيلا بورغيزي؟

قد يتساءل البعض ما جدوى صور لأشجار الصنوبر معتمة أو ظلالية أو بالأبيض والأسود إلا انه أعادني الى رواية بصرية صامتة كشف عنها الروائي «نزار عبدالستار» في روايته «مسيو داك» والتي تعالج موضوع أشجار الكرز في ايطاليا وأشجار الكرز في حمانا، وقدرة هذه الشجرة على المنافسة الوجودية من خلال الحفاظ عليها، ومنحها رؤية مختلفة استكملها كريستين بشجرة الصنوبر وقوة وجوديتها التي جعلتها موجودة ومتجذرة في أرض بيروت رغم حزنها لفقدانها حدائق الصنوبر أو وجودها ضمن غابات صنوبرية ممتدة حولها كريستين الى عامودية الظل ودائرية الضوء.

أعمال الفنان «فرانك كريستين»(Franck Christen) في غاليري تانيت (Galerie Tanit) ويستمر حتى 10 اذار 2020.



dohamol@hotmail.com