بيروت - لبنان

اخر الأخبار

27 أيار 2022 12:00ص الرسام الألماني «أدولف إيبرل» في لوحة «جدتي وقصة ما قبل النوم»

لوحة (جدتي) لوحة (جدتي)
حجم الخط
تتفاعل ريشة الفنان الألماني أدولف ايبرل (Adolf Eberle) المولود في ميونيخ في 11 كانون الثاني عام 1843 مع المشاهد الغنية بالتعابير الاجتماعية والعائلية بشكل عام تلك التي تثير عاطفة جمالية ترتبط بالإنسان ككائن اجتماعي وأكثر تحديدا كل ما يرصد حركة الإنسان في مجتمعه، بأسلوب يظهر قيمة الفن من خلال نظرة العلوم الاجتماعية لذلك، إذ يشكّل الهيكل الرئيسي للوحة «جدتي وقصة ما قبل النوم» ارتباط الجدة بالحفيد والقصة التي تروى بحنو يتكرر مع الزمن، وضمن أشكال متعددة. فالحكاية الشفهية كمرويات لسانية لا تقلّ أهمية عن الحكاية التشكيلية المرتبطة بقصة لوحة واعية لفهم اجتماعي عبر مسارها التاريخي وقدرة الريشة على استخدام الواقع الاجتماعي للوصف المقترن بالألوان والخطوط. وبالتالي دخول اللوحة الفنية التشكيلية في العلوم الاجتماعية وميزانها البصري في إجراء البحث الوظيفي للمعاني، من ثم قدرتها للفت الانتباه الى عصر رُسمت فيه، وعلاقتها بعلم الاجتماع. فهل لوحة «جدتي وقصة ما قبل النوم» توحي بقوة الارتباط بين الأجيال أم هي قراءة بصرية لقيمة اللوحة في تجسيد المعاني الاجتماعية تحديداً؟ وهل أدولف ايبرل هو فنان ارتبطت ريشته بمفهومها الاجتماعي حيث التقط الكثير من المشاهد الحياتية في لوحة ذات نقاط متوازنة بصرية؟ أم أنه يمكننا اعتبار اللوحة كنص قصصي مقروء بصريا؟
«جدتي وقصة ما قبل النوم» وقد تكون «مربيتي وقصة ما قبل النوم»، إلا أنها بتأثيراتها المستحثة نفسيا هي بمثابة قصة قبل النوم فعلا. فتأملاتها مفتوحة على عدة تأويلات تجمع بين المبادئ الأساسية للرسم، وهي النقاط وخطوطها المتوازنة والأبعاد والألوان وغيرها والتحليل البصري من وصف وبحث وتفسيرات. فالتمثيل المرئي للتفاصيل داخل اللوحة يميل الى الدخول في المجال البصري للوحة، أو أنها دخلت في مجالنا البصري لمشاعرها الحميمة الجامعة بين الجدة والحفيد أو تعاقب الأجيال وتكرار الدور الفعّال للقراءة قبل النوم. مما سمح لريشة «أدولف ايبرل» أن تكشف عن قيمة الإدراك البصري في الرسم كنشاط ذهني ذي حيثيات عقلانية تثير قوة الإدراك البصري لفهم المعنى الذي أراد إيصاله «أدولف ايبرل» في تحويل المعنى الى صورة أو لوحة جمع فيها قدراته في فهم العلوم الاجتماعية والرسم الفني وأصوله ما بين المعايير والمقاييس، ليعطي فهما مغايرا لواقع سيغادره ليصل إلينا كما هو في لوحة تخاطب الحواس في العالم المعاصر.
تنعكس الأحاسيس أولا وقبل كل شيء من جماليات الحدث الذي يتم التعبير عنه من خلال الرسم بحكم الذوق الذي يجمع بين النقاط الأساسية للرسم والألوان الداكنة، والأهم من كل هذا التركيز على الضوء الذي يتحكم بصريا بالمساحة. فأكثر حميمية هي امرأة عجوز تقرأ لفتاة صغيرة ما يجعلها مهتمة على خلق التوازن بين جلستها والكتاب، والمستويات الأخرى كاليد والوجه وأسلوب نوم الفتاة حيث ينطوي مفهوم «قصة جدتي قبل النوم» على خلط جميل وبسيط ينتمي الى الفن المجرد من الغايات السطحية، فما بين المعنى والمقاييس والمعايير قصة أخرى. فهل يمكن القول أن في الفن التشكيلي قصصاً هي بمثابة النص المقروء بصرياً؟ أم هي مجرد فضول فنان التقط بريشته مشهداً استفزّه؟ ان التحليلات السيمائية لأي عمل فني تبدأ من نظريات هي في الأساس حسية، ويصعب استيعابها من كل النواحي، ولكن غالبا التحليلات التقليدية تميل إلى الافتراضات حيث ترتبط الأشياء ببعضها البعض من حيث الميل الى البُعد الفلسفي والجمالي، وكأن الفنان يقدّم الغذاء الفكري من خلال النص أو اللوحة أو حتى الموسيقى. فهل حققت هذه اللوحة قوة محاكاة ساحرة بصريا؟