بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 كانون الثاني 2022 12:00ص الرقص فوق الأنقاض

حجم الخط
لا أدري على ماذا يتناتشون ويتقارعون، فماذا بقي من جسد هذا الوطن لم ينهشوا لحمه، ويمتصوا دمه، فهل الصراع الآن على هيكله العظمي؟..

يرقصون فوق أنقاضه في حالة انفصامية مخاتلة مقززة مقرفة، يرقصون بالكلمات، خطاباً وتصريحاً ومؤتمراً وندوة، وصورهم على الشاشات وورق الصحف وهم يرقصون فوق الأنقاض.

النّاس في وادٍ وهم في وادٍ آخر..

النّاس ترزح تحت هموم الغذاء والدواء والكهرباء، وهم في غيّهم سادرون لا يرون شيئاً إلا الرقم، رقم الرصيد في البنوك وما يُمكن أن يكون ملكهم في هذه الفانية وينسون المثل المصري: (الكفن ما فيهوش جيوب).

طبعاً يبدو ان الضمير عندهم قد تعطّل بفعل فاعل، فلم تعد المجريات حولها تحدث أي ردّة فعل.

فكل هذه المآسي وشظف العيش المحيط بالناس لا يعني لهم شيئاً..

ولكن..

هل يعني هذا اليأس؟.. هل هو اليأس؟..

بالطبع لا.. من أجمل عناوين روايات نجيب محفوظ رواية عنوانها (بداية ونهاية)..

فلكل بداية نهاية ولا بدّ لهذا الليل أن ينجلي، ولا بدّ لهذا النفق من آخر.. ثم ان ما يختلج في الصدور، وما يتكثف في النفوس سيجد له متنفّساً اعصارياً يطيح بكل هذا الواقع الأسود الفاحم ليولد ما يستحق تسميته وطناً، لا مزرعة يتقاسم ريعها رهط من تجار الهيكل المرضى بداء الجشع والاستغلال.

عندها سيعوّض الأوكسجين كل هذا السم القاتل في الجو السام ليعيش إنسان هذا الوطن العيش الذي يستحقه..

ولكل ظالم نهاية وليرقصوا قدر ما يريدون إلى أن يوقف المايسترو الموسيقى التي يرقصون على أنغامها.