بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 آذار 2024 12:00ص الشّابي: شاعر الحرية

حجم الخط
الكتابة عن الحرية في شعر أبي القاسم الشابي، تعني الإنسياب وراء عدة عوامل ومسبّبات، تجمّعت وتأطّرت ضمن عامل تحريضي، هو عشق الحرية، وقد تعملق الشاعر في إحساسه المرهف وخياله الشعري، فانهمر غزيراً، عذباً، صادقاً.. عشق الشابي الأرض والوطن والتصق بآمال وآلام بلاده، وسرعان ما اجتمع وتألّق في شعره الحب والحرية، وهو الذي ولد في تونس العام ١٩0٩ وفي العام ١٩٢٠ قَدِم الى العاصمة للدراسة في جامع الزيتونة وفيه كوّن لنفسه ثقافه واسعة، فاطّلع على التراث العربي وتعرّف على الشعر العربي الحديث، ونظم أول قصيدة له بعنوان «يا حبّ»، ثم نشر في الصفحة الأدبية «للنهضة» وفي العام ١٩٢٧ ظهر شعره مجموعاً في المجلد الأول من كتاب: «الأدب التونسي» إلى أن كان العام ١٩٣3 حيث نشرت له مجلة «أبولو» قصائد ساهمت في تعريفه إلى الأندية الثقافية والأدبية في المشرق العربي.. وتعود أسباب الحرية في شعر الشابي الى تلك البذور التي ساهم في تكوينها وبلورتها استعمار فرنسا لتونس منذ العام 1881، ومنذ ذلك الوقت خضعت بلاده لحكم الفرنسيين أولاً وحكم «الباي» ثانياً، وكلمة «باي» تركية كان يطلقها الأتراك على حاكم تونس أبان خضوعها لهم، وبالطبع كان «الباي» أداة يسيّرها الفرنسيون حسبما تشاء مصلحتهم، وقد تنازل «البايات» عن حقوق الشعب خاصة عن أفضل الأراضي الزراعية للمستوطنين الفرنسيين وسواها في الوظائف العامة حتى المدارس كانت لقلّة من التونسيين، من هنا شعر بالظلم اللاحق بشعبه، فقال: «الآن أدركت أني غريب بين أبناء بلادي، وتلك مأساة قلبي الدامية»، وتصاعدت الثورة والحرية في شعر الشابي وقد تمثّل بدون أدنى شك في قصيدته المشهورة: «إرادة الحياة»:
إذا الشعب يوما أراد الحياة/ فلا بد أن يستجيب القدر
ولا بدّ لليل أن ينجلي/ ولا بدّ للقيد أن ينكسر
ومن لم يعانقه شوق الحياة/ تبخّر في جوها واندثر
وفي قصيدته «يا ابن أمي» الرائعة، ينحو نحواً تحريضياً في تحريض الناس طلباً للحرية، فأنشد: خُلقت طليقاً كطيف النسيم/ وحرّاً كنور الضحى في سماه/ هكذا صاغك الله يا ابن الوجود/ فما لك ترضى بذلّ القيود/ وتحني لمن كبّلوك الجباه..
وفي العام ١٩٣٤ جمع ديوانه «قصائد الحياة» بهدف طبعه في مصر، إلّا أن المرض لم يهمله ووافته المنيّة في نفس العام.