بيروت - لبنان

اخر الأخبار

17 نيسان 2024 12:00ص الصمت المُريب

حجم الخط
أصواتٌ وهسهسات خافتة، تعكّر صفو هذا المساء الشفّاف.. أجنحة الغمامات الحالمات، تنضم إليها بحنان لا يوصف.. الليل ساكن كناسك في معبد شرقي.. كلّ شيء يدعو للإشراق والإنطلاق في هذا السكون الفريد.. إلّا هو فقد تجمّع في زاوية غرفته.. تكوّر على نفسه مثل سلحفاة تحفظ نفسها من الحرّ والبرد.. هو لم يكن يعرف البكاء رغم الدموع التي أخذت تتلألأ في عينيه والخوف يتعمّق في داخله، ينكأ الجراح المبطّنة بالذعر.. وهو الذي عاش كل الهزائم وخبر كل المنافي وصادق كل السجون بعد أن تمّ إلقاء القبض عليه بتهمة حب الحرية!! ولأنه كان يثور حين يحاول البعض قمعها أو مصادرتها أو الدخول عنوة إلى أكواخها وساحاتها وأزقتها حيث يمتطي الكلام الخيول المطهّمة، لينطلق سحر الخيال وسحر ولادة النجوم والأقمار والشموس في دنيا لا أصفاد تقيّدها.. وهو انتصر على غواية السلطة.. وها قد مرَّ العمر وقد مزّقت دنياه الحروب.. من الشمال الى الجنوب.. الحزن برى القلوب وهو يحلم بفرج قريب وبانتصار الحرية.. وانهزام جيش العقارب وأن تمطر السماء وأن تمزق خيوط العناكب السامة، وأن تغثهم.. ففي الدنيا أطفال وزوارق وناس بسطاء هم بدر الضياء.. هم العطاء.. ولكن المأساة تتكرّر، والرفض لا يكلّ ولا يمل، إذ لا يعقل أن يستمر هذا الظلم وهذا التخاذل ولا بد أن ترتفع الصرخات والقبضات، مستنكرةً ما يجري في بلادنا ما بين محيطها وخليجها ورافضة الصمت المُريب!