بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 حزيران 2023 12:00ص الكتابة والأمطار المشعّة

حجم الخط
الكتابة هي إبحار في عالم، يحار المرء توصيف موقعها أو في ثبات خطّها البياني، إلّا أن المتفق عليه، أنها مرآة العصر والزمان الذي يعيشه الكاتب، قد يضلّ السبيل حيناً وقد يُصيب في أكثر الأحيان، إلّا أنه يبقى إبن بیئته ومجتمعه، ومن المتفق عليه أنها الفن الجميل الذي يعكس بصدق الواقع الإنساني، خاصة عندما تمتلك المقدرة على هزّ كیاننا، فتستميلنا وتغرينا وتدغدغ حواسنا التذوقية، فنتبعها بشغف.. نردّدها في شغف.. مما يكسبها الحياة والخلود، هذا نظرياً.. أما الواقع المعاش، فانه يناقض هذا التعريف خاصة إذا توقفنا أمام الكم من المطبوعات التي تصدرها دور النشر يومياً، وطبعاً ليس كل ما ينشر هو مدار حديثنا، بل البعض القليل الذي يحاول أن يذرّ بقرنه وان يأخذ حيّزاً ما ولو على الصعيد الإعلامي فقط.. والغريب في أمر هذا البعض إصدار ما لا يستحق النشر لأنه بحاجة إلى مراجعة وقراءة متأنّية، حتى تكون ولادته طبيعية وليست بحاجة الى مبضع طبيب أو أكثر.. ولا نريد هنا أن تهن العزائم الخلاّقة أو إيقاف اندفاعة الهمم المبدعة، لأننا من المؤمنين بأن الإبداع لا يقاس بعدد الصفحات ولكن الذي يحدث على أرض الواقع يمنعنا من الصمت أو السكوت، دفاعاً عن الكلمة وحرمتها ورفضاً قاطعاً لاستباحتها من أي دخيل أو مدّعي (ثقافة) كما أنه يدفعنا الى التأكيد، بأن الدخول الى ملكوت الكلمة يعني الدخول الى ملكوت الحق والخير والجمال... ونحن حين تهالنا الأكداس المكدّسة من المطولات (النقدية وسواها) وحين نتفحّص بعين الناقد الموضوعي هذه ( المظاهرة) وشعاراتها الفارغة من كل إبداع حقيقي، كما تفتقر في معظم الأحيان الى الصدق وهو أضعف الإيمان فنندفع الى طرح السؤال: لخدمة أية قضية هذا السيل من النقد؟ ولخدمة من هذه الترّهات إن لم نقل (العنتريات) البعيدة كل البُعد عن الحقيقة؟ خاصة في زمن قضاياه الإجتماعية والاقتصادية والأمنية بحاجة الى قلم يدافع ويرفض سياسات التفقير المتنوعة، لذا نرفض هذه الأمطار المشعّة وأشباهها..