بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 تشرين الأول 2022 12:00ص انعكاسات الحياة الساكنة بصرياً على الإنسان في لوحات الفنان يوتا راينهاردت

من أعماله من أعماله
حجم الخط
تستحق لوحات الفنان «يوتا راينهاردت» (Uta Reinhardt) الإهتمام التأملي، والإحساس بالمعنى الساكن أو الصامت في الأشكال التي يمزجها بحساسيته تجاه الأشياء من حوله، وفق قدرته على التعامل مع الألوان والضوء ببساطة تغري بديهياً العين. إذ تتنفس الألوان من الحياة الساكنة في لوحاته التي يتجاوز من خلالها السكون، لخلق تناقضات بين الحياة والموت ان صحّ التعبير. وان تشكّلت الألوان بنبض حياتي يثير الكثير من وجهات النظر بشأن الآخر من أي الكائنات الطبيعية أو الحيوانية أو حتى البشرية، وجدلية عطاء الطبيعة المستمر للإنسان الذي يشهد على التحولات البيئية من حوله، وتأثر الطبيعة بكل ما هو اصطناعي من حولنا، مما يجعلها أكثر صخباً، لتمنح عبر وهج ألوانها تميّزاً استنتاجيا يميل إلى التساؤلات المفتوحة على عدة احتمالات من بينها: ما الذي يجعل تحولات الألوان البكر في الطبيعة بحالة خطر بصري؟ وما الذي يأخذه الإنسان من الطبيعة التي لا تنتظر منه إلا أن يبادلها الجمال بالحفاظ على فطرية الحياة وطبيعة العيش فيها ببساطة؟ أم أن التقدم التقني يمكن التغلب عليه من خلال الحفاظ على قيمة الألوان الطبيعية وترابطها مع جميع الكائنات الأخرى؟
يحترم راينهاردت القواعد التشكيلية، فلا يتخطى العلاقات المترابطة بين الكائنات في الطبيعة التي يتناولها عبر بنية لوحة انعكاسية أو حتى طقسية فنيا ان صحّ التعبير، فمتغيّراتها اللونية تميل الى التماسك والتضامن لما يشكّل مصدراً للحياة. إذ لا أحد يستطيع أن يحشد كل مساوئ العصر العشريني أو الحديث بمعنى آخر في لوحة تمثل إمكانية الحفاظ على التآخي الطبيعي بين مختلف الكائنات ماديا عبر الألوان، واختلافاتها وجوهريا عبر الموضوعية في المعنى الفني التشكيلي كنوع من أشكال التبادل الطبيعي بين الإنسان والطبيعة، وحتى الحيوان وبتوافق تنفي من خلاله أحادية الإنسان في استكمال حياته دون ثنائية أو علاقات متناظرة ومتناقضة مع الكائن الآخر، مهما كانت اختلافاته وتوجهاته. فهل يحاول راينهاردت إثارة الدهشة وإثارة مبدأ الترابط بين كل الأشياء من حولنا معنا؟ أم أن الرسم بالنسبة له هو لغة بصرية اختزالية لا تحتاج سوى للتأمل والصمت لفهم المؤثرات التي يغذّيها من مفهومه لكل ما هو قابل للتأثر والتغيّر وللتجديد؟ وهل العناصر الأربعة الأرض والماء والنار والهواء يتغلغلون في ريشة قابلة لخلق الكثير من التغيّرات البصرية المثيرة للحواس؟
غنى لوني يعززه راينهاردت بامتدادات تعتمد على التناقضات. إذ تتمتع ريشته بقدرتها على إظهار لطشات غريبة، لتشكيل المواقف الغريبة المثيرة للكثير من التساؤلات، لإحياء الحركة للون ما دون الألوان الأخرى، لخلق عدة حوارات توحي بجمالية المعنى الذي يبحث عنه من خلال الألوان الكاملة، عبر تدرجاتها الوهمية والأخرى التي يحقق من خلالها تعبيراته المؤثرة، والمكثفة بصريا بدمج تكنيكي ذي تقنيات تميل الى جذب الحس الإنساني المتحرر من قيود الطبيعة التي تعيد تجديد نفسها، لخلق العوالم الفريدة فنياً الخاصة بنظرته المحددة لكل ما هو ساكن أو صامت في لوحة، ومتحرك وصاخب في الحياة، وإن بخلق اغراءات مفعمة بحيوية ضربات ريشته وتعقيدات تراكيبها اللونية، الملامسة للطبيعة وهي عبارة عن تشكيل الأشكال التي تحيا معنا وبمحيطنا، كأنه يبحث عن معناها المبطن والمثير في الحياة، وهو نهج فلسفي نوعا ما وإن بدت غرابة مواضيعه هي لتكوين النهج التشكيلي عبر مسارات يتركها لإدراك قوة الخيال بشكل ذاتي وآخر للحفاظ على قوة ذاكرة اللوحة عند المتلقي، وبالتالي تحويل كل جزئية من لوحاته الى فكرة مجردة من كل ما هو مرئي وغير مرئي، وان بدا كل شيء حاضراً حسيا بمعنى كل ما هو حي ان كان مرئيا أو غير ذلك. فهل يلتقط الحركة ويثبتها بشكل ساكن في لوحة؟ أم أنه يحاول تخفيف سرعة الحياة من خلال ما يتشكل في لوحاته؟