بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 حزيران 2023 12:00ص تطوّر القصة القصيرة

حجم الخط
أسئلة كثيرة نطرحها حين ننظر الى واقع القصة القصيرة العربية التي رفدت الحركة الأدبية بكل جديد ومميّز وأثبتت وجودها الى جانب الرواية، وممّا لا شك فيه إن الانجازات التي حققتها القصة القصيرة لم ترتبط بالرواية بقدر إرتباطها بكل شيء حديث وانفتاحها على كافة الفنون، وهي إغتنت بما يفرزه الحدث اليومي بكل تشعباته، فتأثرت بالشعر الحديث وسواه من الفنون كما أسلفنا، التي تركت أثراً عميقاً في تطور القصة الحديثة، ولا بد أن نشير أن القصة ليست جديدة في تراثنا وهي قد قصّت أحسن القصص وأخبرت وصورّت حقائق وأحوال وأوضاع ذاك الزمن، فمن حكايا وأخبار حرب داحس والغبراء الى حرب البسوس وسواهما، إلى كليلة ودمنة لإبن المقفع وكتاب البخلاء للجاحظ.. الى حكايا عنترة والزير سالم وسواهم كُثر، نجد أن القصة في شتى تلاوينها قد أخذت مكانة مهمة في تاريخنا الاجتماعي والسياسي، الى جانب الصراعات التي ميّزت كل عصر، مما أعطانا فكرة عن زمن اختلف عن سواه بمواضيعه وإشكالاته الإجتماعية والسياسية والاقتصادية، وقد لاحظنا تطوّر القصّ فنياً من حيث الشكل والأسلوب، وليس غريباً بعد ذلك إن تأثّر الغرب بهذا النتاج والإبداع، وهذا ما فعله «لافونتين» حين قلّد كتاب كليلة ودمنة على سبيل المثال.
ومما لا شك فيه أن القصة القصيرة ومضة مضيئة في تاريخنا الأدبي بما أبدعته وقد اتفق جميع النقاد بأنها لم تعد تكتفي بالوصف الخارجي فقط بل تلازم الشعور والفكر في ظهورها على أرض الواقع، والقصة فكرة وإحساس في المقام الأول، إعتمدت التحريض والتنوير والتثوير والتأثّر بالأحداث اليومية التي جعلت القصة أسرع وأوسع انتشاراً لدى جمهور القرّاء، من خلال تمازجها مع آنية وراهنية الأحداث، و أجادت في تصوير شخصيات واقعية تمرّ بظروف قاسية وغير واقعية، لها منطق العبث واللامعقول بما تمرّ به هذه الشخصيات وهي في نهاية المطاف صادقة وواقعية وموضوعية في نعت الأجواء والظروف التي تعبّر عن غربة الإنسان وضياعه في عالم حرمه من الحرية، وفرض عليه تقاليد وعادات بالية لم يعد المنطق والعقل يقبل بهما، لذا نراه يثور ضد القهر والظلم والإستعباد والإذلال..