بيروت - لبنان

اخر الأخبار

30 آب 2023 12:00ص توفيق يوسف عواد و«الرغيف»

حجم الخط
يجب الاعتراف بادئ ذي بدء، بأن توفيق يوسف عواد، الأديب والصحفي ضحية من ضحايا حروبنا الأبدية وقذائفها الهوجاء والمجنونة.. وقد أطلّ على الأدب العربي عبر رواياته المميّزة: الرغيف، الصبي الأعرج، قميص الصوف، فرسان الكلام, غبار الأيام, طواحين بيروت، وحصاد العمر وهي سيرته الذاتية. وقد وظّف المعاناة الإنسانية في جميع أعماله، وخرج بها من الحيّز المحلي الى الإطار العالمي, ففي «الرغيف» صوّر مآسي الإنسان اللبناني خلال المجاعة إبّان الحرب العالمية الأولى، وفي «طواحين بيروت» هاجم الطائفية والمذهبية التي وقعت في وجه الحب الذي ربط بين قلبين بريئين.. وهو جنّد قلمه من أجل وطنه وإنسانه حين يقول: «وحدتنا كانت حتى الأمس قائمة, نحن أبناء هذا الشعب العريق في التعايش.. كانت في القلب والفكر.. في أفراحنا وأتراحنا كانت.. في أيّ ليلة سوداء ضربتموها فصدّعتموها.. لا تقسيم ولا تهجير ولا عزل ولا انعزال بل دولة الجميع لوطن الجميع..». ومما لا شك فيه إن توفيق یوسف عواد أديب إنساني شامل نقع في كتاباته على عالم من الجمال الفني، خاصة عندما نقرأه فنسحر به ونشعر بهزّة في كياننا ونحسّ بشيء ينساب منه إلينا، فيستميلنا ويدغدغ حواسنا, فنتبع ما كتب في شغف.. ومما يروقنا فيه صدق مواضيعه, حيث يَعْبُر الكلام بأسلوب مليء بالحياة والإيحاء والتشخيص، ولا بد أن نقول هنا، أنه في (طواحين بيروت) تنبأ بإعصار الحرب اللبنانية.. كما يعجبنا في قصصه بُعده الإنساني، الذي يضفي على أعماله جمالا وروعة، ويعمل فى النفس عملاً عميقاً كما في رواية «الرغيف»، ونحن إذا تتبعنا خلجات قلوبنا ونحن نقرأه, نشعر في أعماق أعماقنا بعاطفة حزن صامتة.. ويروقنا أيضاً في أعماله، تناوله لعالم البشر، ومثالنا على ذلك رواية «الصبي الأعرج» حيث يشرح حال الإنسان من انطلاقات تفكيره وأحاسيسه ومشاعره وفي آلامه وآماله, في تجاربه النفسية ومشاكله الإجتماعية, وفي علاقاته مع الناس سواء أكانوا من الأقربين أم من الأبعدين، وفي جميع ما يجول في عقله وقلبه ومخيّلته.. ومن المؤكد أنه في هذا وذاك كان هاجسه الإنسان، لذا نراه المحب والمدافع عن كل قضية تخصّه.. توفيق يوسف عواد علم من أعلام وطني وشيخ البيان والإبداع والسرد الراقي والمميّز، وضحية من ضحايا وطننا المعذّب..