بيروت - لبنان

اخر الأخبار

30 أيار 2023 12:00ص حبال النجاة

حجم الخط
الحياة جهادٌ. فبعد ان غططنا حالمين، لا نفقه للجهاد الحقيقي معنى، هل نفيقُ من شباننا ونزيح الغشاوة عن عيون بعضنا، فتبرز لنا خطوطٌ لفجر عصر جديد.
وسط الاضطرابات التي تداهم عالمنا العربي، وهذه الزوابع التي تقصف في أرجائه، ومن خلال الظلمات الكثيفة التي تخيّم عليه من جهاته الأربع، هل نستشفّ خطوطاً برّاقة منبعثة من مفاوز متعددة منتشرة هنا وثمّة؟ هل من بطل في صفوف رجالنا أو نسائنا ينبري قائلا:
هبّوا يا نيام، وافتحوا عيونكم للنور، وتمسّكوا بحبال النجاة، قبل أن تجرفكم السيول الى المهاوي السحيقة. كفى فسادٌ ودخان سموم يُحجب الأنوار ويختفي معه خيال حبال النجاة. كفى صواعق خراب تقصف وسيول تفريق تنهمر!
سنظفر، بإذنه تعالى، بفضل شرفائنا العقلاء المندفعين الى الإصلاح، الظافرين في وجه تيّارات الهدم والفوضى.
حسبنا أن نفقه معنى التعاون، واحترام الآخر عبر احترام الذات لكسر الأيدي اللاعبة بيننا والساعية الى تفريقنا.
فلنسرْ منتزعين من محنتنا الطويلة، أجلّ الدروس التي تفيدنا لبناء صرح المستقبل، ولننظر الى كياننا الحاضر بعين النقد البنّاء، ولنغربل أسباب ضعفه بل خرابه.
صراعاتنا كلها لم تكن مرضنا بل هي دلالته. الصرعات بتفاقمها ودمارها والموت، مؤلمة حتى انسداد الأفق لكنها ليست هي المأساة. هي وليدة مأساة قائمة في النفوس. وشعوبنا ليست بريئة من مسؤولية تلك المأساة. خطيئتها انها لم تخض حرباً روحية على نفسها ولم تهذّبها، فأين رجال الدين يعيدون الى رعاياهم هويتهم وإيمانهم وصمودهم الروحي لئلّا يغريهم حقد أو استعلاء أو انعزال أو ارتهان أو استزلام أو قبلية، يسترها انتماء طائفي من هنا أو مذهبي من هناك؟ مَن يعيد الى شعوبنا سلامها الداخلي الذي يوفّر لها المناعات الوطنية الضرورية لكينونتها وبقائها وازدهارها، على تنوّعها الحتمي والمثمر؟
لنعلم، في كل حال، ان الجهاد هو حرب روحية على الذات أولاً. انه حرب على الحرب وجهد في سبيل السلام!

أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه