بيروت - لبنان

اخر الأخبار

31 آذار 2022 12:00ص حكاية مدينة والفنان التشكيلي محمد حسين بين الغراتاج والألوان

حجم الخط
حكاية مدينة والفنان التشكيلي «محمد حسين» Mohamad Hussein بين الغراتاج والألوان، والتوظيف الموضوعي للرؤية الفنية القائمة على الأسس والمعايير، وبجمالية يستنطق من خلالها التفاعلات البصرية، وفق الأبعاد الايحائية وصيغتها الحسّية بوعي وإدراك للمكونات التي تشغل حيّزاً إبداعيا، ودلالات إنسانية ينسج من خلالها كل ما هو متخيّل عن واقع يضيف له توليفات ذات تقنيات مختلفة منها ما يرتبط بالفرشاة والألوان، ومنها ما يتشابك مع فن الغراتاج وسحره الذي يتقنه الفنان «محمد حسين» ويجعل منه نوعا من التدقيق البصري بين العتمة والضوء وتناقضات كل منهما. إلّا انه في معرضه هذا يبني من الألوان رؤيته البنائية، وبمقومات فنية أساسية ينتج عنها مساحات ذات دلالات تعدد من خلالها الأنماط التي يعتمد عليها في إنشاء نظام لوني يتناقض مع الغراتاج، وينسجم معه في آن من حيث قوة الألوان وتوهجها عبر الخامات المتناهية في معانيها أو من حيث الغراتاج، والأسلوب التعبيري لواقع رومانسي أو تراجيدي أو حتى في خلق عوالم يجتهد في ابتكاراتها، لتكون ضمن الانفعالات المبطنة والأحاسيس التي يخفيها الفنان في لوحة ذهنية تتقارب مع التوظيف الفني المعاصر، وقدرته على خلق مستويات في الألوان أو حتى في عملية تنظيم الخطوط، وبفوارق يدعم من خلالها بنية الشكل وتداعياته الوجدانية مع الألوان. فهل يرصّع الفنان «محمد حسين» لوحاته في هذا المعرض بالألوان التي تجعلنا نقف أمام وحاته لساعات، لندرك قيمة رؤاه التشكيلية وأحاسيسه التي تتذبذب بين الغراتاج والعتمة والضوء وبين الألوان بكافة مستوياتها وتدرجاتها المنخفضة والعالية وحتى المتوسطة حيث تتراءى العناصر المنسجمة مع بعضها وفق خاصية الحكاية التي يجمع مشاهدها في لوحات هي من الحياة الهادئة والأخرى الصاخبة، وكأنه يقف بين الخيال والواقع لينشئ عوالمه السوداء والبيضاء برومانسية الاختلاجات الوجدانية التي تدفعه نحو الصخب اللوني، وبإزدواجية يمزج من خلالها بين نوعين من الرسم لكل منهما اختلاجاته الخاصة.

تدعم العناصر الجمالية في لوحات الفنان «محمد حسين» التنظيم المحكم لاتجاهات الخطوط وقياساتها ضمن المساحات، بتوازن بصري، وترشيد إيقاعي محسوب بدقة رغم كمية الوجدانيات في المعاني المتحررة من قدرته على ضبط إيقاعات الخطوط أو لقوته في اكتساح المساحات بدراسة ثنائية، وكأنه وجدانياً يتصارع بين امرأتين أو بمعنى آخر بين نوعين من الخطوط والأشكال، وبين العناصر التي يدعم من خلالها وجوده الذاتي عبر موضوعية الفن التشكيلي وجماله المتجدد في لحظات يفتح فيها المساحات، ويلتزم بضوابط المقاييس والمعايير. فالمزج الذي يسمح له بتقييد مفرداته يروّضه تبعا لأحاسيسه بداية، لينجز لوحة هي حكاية خاصة قبل أن تكون حكاية مدينة، وبتسويغ دراماتيكي يحاكي من خلاله موازين الفن التشكيلي وأشكاله المتنوعة، والمفتوحة على التأصيل الجمالي المنبثق من قوة الأحاسيس التي يختزنها ذهنيا، وتفضي به الى المعنى عبر كل لوحة يكشف من خلالها عن مخزونه الفكري والجمالي، والمتناقض بين الرومانسية والواقع المخفي بين طيّات مدججة بتشكيلات لا يمكن القول عنها إلا انها حكايات يسبح من خلالها في فضاءات التشكيل وإيحاءاته التي تبعث على الحياة الهادئة. فهل العمق البصري في لوحات «محمد حسين» هو تأملات مفتوحة على كافة المشاعر والأحاسيس الإنسانية بكامل تناقضاتها؟ أم انه يعتمد على خلجات النفس في التكوين السيكولوجي والأبعاد الفلسفية المكسوة بالكثير من الدلالات والتأثيرات الضوئية؟

يغزل الفنان «محمد حسين» الحركة والاتجاهات، فيجعل من النبض البصري محاكاة تؤدي الى الاختزال الانفعالي، وفق مزاجية الألوان أو الأحرى مزاجيته في منح اللون ضوئيات خاصة أو منح لوحة الغراتاج المزيد من سمفونيات الضوء المعتمدة على إظهار قيمة الحركة، وفي الحالتين يفرض الصمت على المتأمّل للخروج من قوة الحركة المغزولة بمعنى مختلف في محاولة منه لخلق لوحة هي امرأته الخاصة أو تلك التي يريدها في حالة تناقض مستمر، وكأن الحياة تتسلل عبر الألوان في مساحات يبسطها، ليزيح الغموض عن كاهل أدواته التي يستخدمها في الرسم ومراودته لمعنى القساوة في الغراتاج أو العكس رغم قساوة أدوات فن الغراتاج، ومعنى الليونة بين الألوان والأسلوب الذي يحتفي به في معرضه حكاية مدينة. فهل الجمال في لوحات الفنان محمد حسين هو قدرته على خلق التناقضات المختلفة؟

معرض الفنان «محمد حسين» (Mohamad Hussein) في كاليري اكزود Exode الأشرفية.