بيروت - لبنان

اخر الأخبار

10 حزيران 2022 12:00ص رياض السنباطي

رياض السنباطي رياض السنباطي
حجم الخط
وحدَه الفن العظيم هو الذي يبقى حارساً ذكرى مبدعة على مرّ السنين وتعاقب الأجيال مذكّراً بأنه كان هناك مبدِع أطربَ القلوب وأشجى الأحاسيس بألحان قلّما تتكرّر لأنها ارتبطت بمبدعها وحدَه. وقد يجدر القول ان لكل زمان مبدعيه الذين يعبرون عنه وقلّة مَن تبقى ذكراه مستمرة لأنّ ابداعه فاق زمانه. وهذا ما ينطبق على فنّان شغل زمانه بألحانه التي لا تزال حيّة وكأنها عُزفت للتو..
هذا الفنان هو رياض السنباطي الذي مثّل حالة نادرة في تاريخ الموسيقى والغناء العربيين على مرّ عقود من الزمن، فارتبطت باسمه أجمل ألحان لأغانٍ لا تزال حينما تُسمع نتحسَّر على تلك الأيام التي كان للمغني والألحان فيها معنى يسمو بالمشاعر والأحاسيس الى الأعالي فنعيش عبرها لحظات من الصدق والحب والذكرى لكل ما هو جميل في حياتنا.
رياض السنباطي مبدع كبير ظهرت موهبته مبكرا، لا سيما في العزف على العود. ولعلّ موهبته التي صقلها جو عيلي كان فيه والده ملمّاً بعلوم الموسيقى والغناء ولكن بلا احتراف. وقد تفجّرت موهبة السنباطي الابن وهو دون العشرين من عمره حين ارتحل من قريته «فارسكور» في محافظة الدقهلية بمصر إلى القاهرة التي كانت قبلة كل موهوب.
وفيها التقى وصاحَبَ سيّد درويش الذي تبنّاه في شغف لمعرفته موهبته الحقيقية... ولحظة وصوله إلى القاهرة تفتّحت أمامه آفاق الفن والشهرة لا سيما بعد دخوله إلى معهد الموسيقى العالي مقيماً فيه. وبعد قبوله في الامتحان كانت اللجنة قد قررت تعيينه مدرّساً لآلة العود إلى جانب دراسته في قسم الأصوات.
تجلّت موهبة رياض السنباطي واضحة في كل لحن يبدعه وراحت هذه الألحان ترفع من أي اسم يغنيه. ولكن، كان السنباطي دقيقاً وموهوباً أيضاً في معرفة الأصوات التي يعطيها ألحانه، لا سيما انه يملك صوتاً رخيماً وجميلاً ظهر في عدد من الأغاني التي شدا بها على قلّتها. حرص كثيراً على ألّا تتكرّر تلك الألحان إلّا مرة واحدة مع كل صوت لحن له.
السنباطي وأم كلثوم عنوان موسيقي وغنائي امتدّ زهاء 12 عاماً أبدع فيها السنباطي لسيّدة الغناء العربي ألحان أغانٍ لا تزال تقف على قمّة الغناء العربي.
صدحت كوكب الشرق بأغنية «الأطلال» التي كتبها الشاعر إبراهيم ناجي ولحنها السنباطي مع مطلعها الجميل: «يا فؤادي.. لا تسلْ أين الهوى... كان صرحاً من خيالٍ فهوى». فدفعت الأغنية السنباطي إلى قمة شهرته حينما أُطلق عليه لقب العملاق.. لحّن لأحمد شوقي وأبي فراس الحمداني، وله وقفات مع كبار المطربين مثل أسمهان وسعاد محمد وليلى مراد ووردة ونور الهدى وميادة الحناوي وفايزة أحمد..
السنباطي موسيقار عربي خالد الذكر والأثر. ويحق للعالم العربي أن يفتخر بعبقريته وعبقرية نُدرة من أمثاله. انه كوكب لامع في فنه وعزفه الرائع وغرّة في جبين الدهر. فأين ترانا أمسينا في هذه الأيام الرديئة حتى من الوجهة الفنية؟

أستاذ في المعهد العالي للدكتوره