بيروت - لبنان

اخر الأخبار

7 شباط 2023 12:00ص في اللامبالاة

حجم الخط
إياك أن تدع التسامح يستحيل لامبالاة! ان معظم ناسنا ليسوا مع أو ضد أي من المقاصد البشرية، والسبيل الأنجع لجمع شملهم هو جعلهم يستجيبون بطريقة أو بأخرى لهذه الإشكالية، ويتغلبون على الجمود القاتل. ذلك ان ليس أقسى من برودة اللامبالاة وهدوئها.
في أي من الفئات العمرية، لا يعقل أن أسعد حصرا بالجلوس الى جانب المدفأة متفرّجا. من المقدر أن نحيا الحياة ونحافظ على حب الإستطلاع والإستفسار. لذا، على أي امرئ ألا يدير ظهره للحياة لأي سبب كان. فالشريك في جريمة الفساد كثيرا ما يظهر بمظهر اللامبالي وهو من اللامبالاة بدرجات. وهكذا، ان نقيض الحب ليس الكراهية -ومن الحب ما قتل- وإنما اللامبالاة؛ ونقيض الفن ليس القبح -وهناك جمال القبح- وإنما اللامبالاة؛ ونقيض الإيمان ليس البدعة -وهناك «بدعة» الهدى- وإنما اللامبالاة؛ ونقيض الحياة ليس الموت -وللموت ألوان- بل اللامبالاة أيضا!
قد يكون العلم قد ابتدع علاجا لكل الأمراض، ولكنه لم يجد علاجا لأسوئها وهو خمول بعض الكائنات البشرية. نتحدث بهذا المذهب أو ذاك والمذهب هو ما نذهب به الى الله.
أرى العمل الناشط الهادف ينهض بالإنسانية، وأرى أمامي أناسا جالسين القرفصاء متكاسلين متخاملين في حين أن بعض الإخوة العرب حوّلوا الجماد جنة يقلبون الأرض سماء يزدهي فيها الجمال والهناء. المحنة المتفاقمة تبدو كأنها مصطنعة وهي في كل حال تعزز تعطيل الفكر والعمل وإلغاء المقاصد. حالتنا أشبه بحالة فلسطين التي استوطنها اليهود بذريعة ان أرضهم قاحلة تطغى على أبنائها اللامبالاة والاستسلام لمشيئة الأقدار والآخرين. انعطفنا الى عالم الموت العقلي اولا بعد أن انهزمنا أمام واقع هو من صنيعنا بالدرجة الأولى. ألا ارحمنا أيها الإله المتمنطق بالاقتدار، ارحمنا!

أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه