بيروت - لبنان

اخر الأخبار

16 نيسان 2024 12:00ص في الواقعية!

حجم الخط
أنا من أنصار الواقعية في الكتابة. في الواقعية رسالة اجتماعية، رسالة عفوية نابعة من وجدان الأديب لا مفروضة عليه وفق مذهب أو معتقد أو غرض شخصي. وما دام الأدب رسالة، ينبغي له أن يكون واضح المحتوى لقرّائه، لعامة القرّاء. وليس أوضح لهم وأدعى إلى التأثير في جموعهم، خصوصا في المجتمعات المعقّدة، من الأدب الواقعي الذي يغترف مادته الأولية من الواقع. ونحن أحوج ما نكون إلى سلوك سبيل الواقعية في الأدب، في مرحلتنا هذه على الخصوص. وأما انتهاج الأساليب البعيدة عن الواقعية، المتجافية عن الوضوح، المغرقة في متاهات لا يفك رموزها إلّا الراسخون، فإن لقرّاء العربية، المنتشرين بين الخليج والمحيط، عذرهم إذا ما أعلنوا قصورهم عن فهم هذا اللون من ألوان الأدب المغلق!
إن علينا -نحن أدباء العرب- أن نمتح، اليوم، من أدب الواقع، حتى إذا غدا للغتنا أدبها الحديث الراسخ، حق لنا أن نجتاز هذا الأدب لنكتب على شاكلة أحدث ما توصّل إليه الإبداع الغربي من مذاهب أدبية فنية، ومن غوص إلى أعماق الغموض، والاكتفاء بالتلميح، والنهل من بحر العقل الباطن... علينا أن نعيد بناء صرحنا المنهوك ولغتنا المأزومة. علينا أولا أن نضبط أحوالنا من فوضى وتحلل ولا أخلاق...
إنني لأتمنى أن نفهم الواقعية كما فهمها ستندال في «الأحمر والأسود» وبلزاك في «أوجيني غرانديه» وفلوبير في «مدام بوفاري»، تعبيرا فنيا صادقا عن إحساس الوجدان ومطامح الفرد ومطامعه، وسخائه وأثرته، وحبه وكرهه، وعن مختلف التناقضات الاجتماعية وما تولّده من المظالم والمفاسد والرذائل.. ولكن -وأجدني ألحّ على هذا الشرط فهو الأساسي- بالتعبير الفني الصادق.
د. جهاد نعمان - فرانكفورت
أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه