بيروت - لبنان

اخر الأخبار

25 آذار 2022 12:00ص في يوم عيدكِ رسالة إليكِ

حجم الخط
هرج ومرج وحركة دائبة أمام الواجهات لانتقاء هدية للأم في عيدها!..

عجباً.. 

وهل للأم يوم عيد لها؟!..

أليست كل أيام السنة عيدها وساعاتها ودقائقها وثوانيها..؟

أليست هديتها أن تراهم سابحين في يمِّ الفرح والسعادة؟

أما أنتِ..

فها أنا في الطريق إليك مع وردة بيضاء كتلك التي كانت أمام الدار.. أجل تلك التي تغنّين لها وتدلّعينها وتمسّدين أوراقها كأنك تمسّدين على شعورنا..

ها قد اقتربت وبانت مدينتك البيضاء برخامها الكثيف ولاح منزلك الأخير وتسارعت دقّات قلبي..

وصلت يا أمي.. ولكن ماذا أرى..؟

عصفور يقف متأهّباًعلى قمّة شاهد قبرك..

ان اقتربت أكثر يطير.. قد يزعجك ذلك، لعلّه أنيسك في وحدتك..

وقفت جامداً.. وطال الوقت ولاحظ حارس المقبرة ذلك فأتى إليّ معتقداً اني على مرض وقوفاً وليس ممدّداً.. أحسّ نظراته تخترقني، يتأمّلني مستغربا وأخيراً نطق.. يسأل ما بي.. أشرت إلى العصفور ووضعت سبابتي على فمي طالباً السكوت خوفاً من طيرانه.

خاف الرجل وابتعد وهو ينظر خلفه إلى هذا الزائر المختلف.. نفض أنيسك جناحيه وانتقل الى شجرة قريبة يراقب.. سمح باقترابي لمست رخام قبرك مسلّماً فشعرت بدفء غريب، تحوّل الرخام يا أمي إلى يدك المعروقة وغمرني إحساسا بأنك قمت كعادتك لاحتضاني، فرح داخلي عظيم تغلغل في مسامي، وشعرت بقبلتك على عنقي حيث تحبّين أن تكون..

لماذا تعكير الصفو.. حضرت ساعة انتقالك وأنا إلى جانبك ويدك التي ارتخت في يدي وتلك الولولة الجارحة..

وهو ذلك الرجل الذي ارتمى أرضاً سابحاً على السجادة يتلوّع ألماً..

مات معك يا أمي.. مات وبقي حيّاً، بعد رحيلك كان ميتاً يتحرّك.. لكنه أخيرا قرّر الذهاب إليك فذهب.

أمي..

منذ زمن بعيد كتب كاتب عراقي اسمه عبد الجبار القيسي كتاباً بعنوان (زليخة زليخة.. البُعد يقترب)..

أستعيد بعض عنوان كتابه..

أمي.. أمي.. البُعد يقترب.