حين نريد الكتابة عن كلمات الاغاني الراقية، لا بد ان نتحدث عن احمد رامي والرحابنة وبيرم التونسي وسواهم كثر، خاصة بعد الهبوط الذي تعاني منه الى حدّ لا يقبله العقل والمنطق والذوق..
وحديثنا عن الشاعر احمد رامي هو حديث عن شاعر تميّز برهافة حسّه وبساطته التي جعلته يقدّم لوحة فنية بأسلوب مبناه سلس وتراكيبه متوازنة، مُنسابة في تيار موسيقي عذب حنون، لاننا امام رجل يعرف كيف يُبدع عوالم من الرؤى والسحر والجمال..
ووقت نتساءل لماذا نجح احمد رامي في عالم الغناء، فإننا نعود الى ما صرح به، حين سُئل مرّة عن المهنة التي يفضلها لو لم يكن شاعراً، فأجاب: «لو لم اكن شاعراً، لوددتُ أن أكون مغنياً..» ورامي لم يتطفل على عالم الغناء، لانه لم ينظم ازجاله، الا بعد أن اصدر ثلاثة دواوين شعرية، وهو تميّز برشاقة اسلوبه ورقته وسهولته وحسن تقسيمه وفقاً لمقتضى الحال، حيث تتكامل عناصر الصورة «الراقية» دون الاستعانة بحشد الالفاظ، إنما نراه كيف يترك طابعه الخاص، وكيف يتفنن بتظهير صوره، فهو في كل بيت يصف واذا وصف صور بما أُوتي من موهبة وذوق رفيع، العواطف الانسانية الصادقة، دون ان يقع في الاستهلالكية الهابطة التي تجيدها بعض الافلام! اما عملية البوح عند شاعرنا فلها ضوابط اخلاقية، لذا نراه يرتفع ويسمو الى عالم الروح والحب السامي، وقد ساهم في نجاحه صوت كوكب الشرق أم كلثوم وألحان القصبجي وزكريا احمد ورياض السنباطي.. أما معظم اغانيه فكانت تقوم على فكرة يتفنّن في بسطها، حتى يستوفيها تصويراً وبياناً، ثم كان يقدّمها الى السيدة أم كلثوم، فتناقشها معه لتخرج الى الناس في أحلى وأبهى حللها الفنية، وهذا الامر يؤدي بنا الى علاقة المحبة التي ربطته بالسيدة ام كلثوم والتي بقيت محط احترام الكتّاب والنقّاد.. ومّما لا شك فيه إن رامي كان في أغانيه سيّد الرومانسية التي أحسن توظيفها في العمل الشعري دون ان تأخذه في ذلك بهارجها، بسبب قدرته على الصياغة الفنية والتعاطف الوجداني مع الآخرين..