بيروت - لبنان

اخر الأخبار

30 أيار 2018 12:01ص «مصر» تبني أكبر متحف مكشوف في العالم تفتتحه جزئياً أواخر 2018 م

وقعه مساحة شاسعة في منطقة الاهرامات والإنجاز عام 2022

حجم الخط
في بداية الثمانينات من القرن الماضي عشنا فترة خصبة من التغطية الفنية المباشرة من استوديوهات ومواقع التصوير المصرية، وتحديداً في ستوديوهاتها العريقة ما بين: نحاس، ومصر، وصولاً إلى تغطية ما كان يصور في مواقع صحراوية، أو مدنية في عدد من الشقق في قلب وضواحي القاهرة.
ومع أننا كنا نمر بالتاكسي في مناطق محاذية للأهرامات المصرية الشامخة، والشاهدة على عظمة التاريخ المصري، إلا أن كثرة مشاغلنا وضيق الوقت لم يسمح لنا لا بزيارة الاهرامات إلا في وقت متأخر وفي رحلات غير مهنية، وصولاً إلى العام المنصرم الذي كنا خلاله نواكب الدورة 39 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، حيث نظمت زيارة خاصة إلى المتحف المصري، فكانت مناسبة رائعة لنا لكي نتعرف على هذا الصرح من خلال ما نسمعه عن ثراء الآثار التي يضمها، وعن ضخامته، والتنظيم الراقي فيه.
لقد أذهلنا المشهد، نحن في حضرة ملايين السنين، أصنام، وقطع أثرية تعد بالآلاف، أحجامها تتأرجح بين الضخامة والصغر، بينما يشعر العابر بين هذه الآثار بأنها تكاد تلتهمه، أو تتحدث إليه، أو هي في كل الحالات مادة ثرية تحكي الكثير مما لا تقوله أو لا تستطيع الكتب قوله وكنا فريقاً من  خمسة زملاء رافقتنا سيّدة شابة تولت وضعنا في صورة المعلومات المتداولة والمعطاة للسواح عن حضارة الفراعنة، تاريخهم وعاداتهم وما تركوه من معالم تدل على تقدمهم في مجال الفكر والابتكار وخصوصاً في مسألة ما زال متنازعاً عليها وهي الموت وأي رحلة يخوضها الميت بعد توقف أجهزة جسمه، وهو ما رأينا معالمه وتفاصيله في الغرف، والمدافن والتحنيط وما يوضع مع جسد الميت من لوازم وحاجيات يفترض أنه يستعملها في رحلته نحو الخلود في دار أخرى.
طبعاً هذا منطق فرعوني خاص قابل للنقاش ولوقت طويل، وليست هنا مناسبة لتصويبه أو تأييده، ولكن المقصود هو أن ما كان يفكر فيه هذا الشعب جدير بالتوقف عنده، وتحليله والخروج بخلاصة منه، في وقت لم يتوصل فيه باحثو هذا العصر مع كل ما يملكون من وسائل التحليل والرصد والدراسة إلى سر المومياءات.
المهم أن زيارتنا هذه للمتحف حصلت في تشرين الثاني/نوفمبر المنصرم، ومنذ أيام تتحدث وزارة الآثار المصرية عن إفتتاح جزءي لأكبر متحف مفتوح في العالم سيجري بناؤه في منطقة الأهرامات بحيث تكون الأمور منسجمة مع بعضها البعض، وعلى مساحة غير محدودة من الصحراء المحيطة بالمكان حيث شمل التخطيط ليس فقط الأجنحة الرحبة، والقاعات اللامتناهية في إتساعها، بل إن ما لحظه المخططون ونفذه المهندسون هو إيجاد شبكة مريحة واسعة ومنظمة من الطرق التي تؤدي إلى هذه المنطقة في صورة من صور إستغلالها سياحياً في المرحلة المقبلة، بحيث تشمل إضافة إلى الآثار، وورش الترميم والمعالجة والصيانة، سلسلة فنادق خاصة تتيح للزائرين الإقامة قريباً من هذا المتحف - المدينة، وإيجاد فروع للترفيه، والمطاعم، وبعض وسائل اللهو، بما يحولها إلى ما يشبه عالم ديزني، ومدنه المنتشرة في أكثر من منطقة في العالم.
المتحف الكبير هذا مخطط له أن يكون في كامل جهوزيته مع حلول العام 2022، ويبدو الإحتفال الجزئي أواخر العام الجاري 2018 نوعاً من التأكيد على الرغبة في إستثمار هذا المشروع، والترويج له منذ الآن، عبر بدء نقل آلاف وآلاف الآثار المبعثرة لأقدم حضارة في التاريخ، خصوصاً وأن هذا التشتت سمح للصوص والمهربين من أنحاء العالم بالفوز بأعداد كبيرة من القطع الأثرية التي إسترجع بعضها إلى مقتنيات الدولة، وبقي الكثير منها في مواطن مختلفة من العالم يتم استغلالها بعيداً عن موطنها الأصلي، ومن هذه الأماكن ما يملكه متحف اللوفر، باريس من آثار فرعونية مذهلة في كثرتها وأهميتها.