بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 آذار 2019 12:00ص معرض الفنانة روزين سيسريان.. غموض لا يفك شيفرة المعنى

حجم الخط
تستخدم الفنانة  التشكيلية «روزين سيسريان» (Rosevart Sisserian) خيالها التجريدي لتصوير ما تستوحيه من أشكال هي للتعبير عن مزاجيتها في التصوّر أو فهم توقعات الظل والضوء والاثر الناتج عن ذلك، لصالح  كل ما هو  متخيّل أو ناتج عن خيال يدفعها نحو الألوان بغموض لا يفك شفرة المعنى عن التصوير التجريدي،  كأنها تحاول التقاط ماهيات الألوان الماورائية أو اثيريتها في الطبيعة وما حولها.  لتكتسف ذرات الألوان وأبعادها وقوتها، وخفوتها بتعاطف يرتبط بالشاعرية التي تنعكس على جمالية لوحاتها، وانماطها غير المرئية بتضخيم احيانا للشكل المجرد أو الطبيعي المجرد، ليصبح غريبا متآلفا مع الحواس عبر الوانه المختلفة التي تخترق البصر عن كثب مسلطة الضوء على جزئيات استخرجتها من مخيّلة الواقع بأسلوب يميل الى اظهار ضوئيات الأشكال (عكس عدسة الكاميرا) لنرى تجريديا ادق الاحاسيس التي التقطتها وجدانيا بفن ذي حس جمالي باحث عن الحياة أو بالأحرى ما ورائيات الحياة أو الحيوات المتعددة للكائن الحي في الأشياء من حولنا، عبر ريشة تستكشف وتحاول الربط بين الأشياء وأضدادها،  لمجرد جمالياتها الايحائية والقادرة على بث تأملات تدفع بالمتلقي الى التفكّر والتوازن، وفهم سر الشكل وماهيته أو البحث عنه من خلال لوحة تتشكل فيها العناصر الفنية بحيوية ونضارة وتوهج وحياة.
تثير لوحات الفنانة «روزين سيسريان» الاهتمام البصري حسيا، فتدفعه نحو ترتيب العناصر الطبيعية المختلفة بشكلها الصحيح. ليستمتع ذوقيا بما رسمته ريشة تنفصل عن الواقع أو بالأحرى ترفض أي اتصال بالواقع معتمدة على التجريد أو استخراج روحية كل شيء، لتضعه في زمن ما! ربما أرادته زمن اللوحة التي تنتجها الألوان القادرة على وضع هذا المفهوم الفني أمام المتلقي. فهل حاولت «روزين سيسريان» رؤية خلايا الضوء الساقط على الأشياء مباشرة، وقدرته المتفاوتة على تحويل الصورة الى عدة صور أخرى؟ أم هو رفض الواقع رغم الاتصال به بتجريده من الموت وابقائه على الحياة الدائمة؟
التقاط حركي ودمج بين الثابت والمتحرك للخروج عن نطاق الواقع باتجاه المتخيّل من تأثيرات الضوء على اللون، لاظهار مستوى معيّن من الشكل حسيا دون استكماله أو اظهاره على طبيعته، بل تبقي سيسريان على غموضه أو عوالمه المجهولة، ليتفرّد ويمنح الادراك نوعا من الالهام اللوني المؤدي الى الخلق والابداع الفني، الشجي بصريا حيث تتوحد العناصر الحيوية من الشكل وتتناقض التفاصيل الأخرى، مما يثير تساؤلات مختلفة حول لوحات ترصد ردات الفعل حول معناها وموضوعها وحقيقتها المتخيّلة. فهل أرادت من ذلك ابراز التحديات لريشتها من خلال فهم ظاهرة الادراك البصري لما حولنا بتصوير تجريدي مدّته بالألوان القوية اكثر من الخافتة؟ أم هي نوع من البحث عن الحياة الدائمة الجمال والوجود الأكثر اشراقا من الحقيقة التي تتمسّك بها، وتجرّدها من تفاصيل تؤدي بها الى الذبول او الموت. مما يعطي قوة لغموض المعنى في لوحاتها. إذ يتفاقم السرد اللوني بين الحركة والسكون مستخدمة العناصر الأساسية في بناء اللوحة، وان عاطفيا تجاه الألوان. إلا ان العقلانية بارزة في فراغاتها والتقاسيم والثنايا (ثنايا الظل) وكأنها تجمع باقات الألوان تحت ضوء معين قبل أن تغوص ريشتها في مساحات تنصهر معها هرمونيا، بتجانس وتآلف بين الهروب من المعنى الحقيقي للتصوير والتجريد بمزجهما ضمن المتخيل الذي  بنبض حسيا وينتفض من ماديات تثقل كاهل كل ما هو طبيعي في الحياة. و لم تتجاهل روزين القواعد الكلاسيكية لهذا الفن،  وإنما هربت من الواقع بفرض التجريد التصويري على اللوحة.
أعمال الفنانة التشكيلية «روزين سيسريان» (Rosevart Sisserian) في غاليري اكزود (Equipe Exode)  الأشرفية. 


dohamol@hotmail.com