أسعد الله أزمان من مرّوا على لبنان.. فرفعوا اسمه عالياً.. وارتقوا براياته في أعلى العلى.. فجاوزوا حدود المجد والنصر وهامات القمم.. هُمْ كانوا في برهة من الأزمان.. كُثُرٌ ولا يُعدّون حتى أغمضوا عيون الشمس بنور أمجادهم وإنجازاتهم على مختلف الصعد.. من جبران خليل جبران.. إلى العالِم الشهيد حسن كامل الصبّاح.. إلى الرئيس الشهيد رشيد كرامي.. إلى المفتي الشهيد حسن خالد.. إلى الإعلامي الشهيد سمير قصير.. وكأنّ الشهادة عليهم دليل وبرهان..
أما في حاضرنا فلعنة الله على كل مَنْ هوى بدروب الوطن.. ومضى في سرقاته وسمسراته وظلمه لشعب جاع ولم يئن.. تألّم ولم يصرخ.. هُتِك ولم ينتفض.. دُجِّنَ فآثر الصمت والسكوت وطمس الرأس تحت أرجل هذا الزعيم وذاك المسؤول..
لا ليست لعنة واحدة.. بل لعنات الله على الفجّار والتجّار والشطّار والقُهّار.. وكل مَنْ ظنَّ أنّ هذا الشعب.. إنْ صمت فليس لانكسار منه بل لخوف على ما تبقّى من أطلال وطن.. وعلى عبارة «بكرا أحلى» إنْ تركوا لنا هذا «البكرا» أنْ يصل.. بعدما سرقوا الأمل والحُلُم فأصبحنا مجرّد أرقام.. في طوابير الشهداء والضحايا والمعوزين والمتسوّلين على أبواب الأمم والسفارات..
«البنك الدولي» يحذّر بأنّ لبنان يعيش إحدى أسوأ الأزمات والكوارث الحياتية التي مرّت على البشرية.. و»مجلس شورى الدولة» يقرّر قهر المواطن الذي سُرقت أمواله المودعة في المصارف.. فينهبها بشرفيّة قضائيّة قانونيّة.. متبجّحاً: «سامحناكم كتير خلص ما بقى فينا نسامح»..
«حكّامنا ظلامنا» على مناصبهم يتقاتلون.. «اليوم حكومة بكرا حكومة بعدو حكومة.. اليوم طلع الدولار بُكرا حلّق وبعدو طار.. اليوم فجّرونا وقتلونا وبكرا على جهنم حياخدونا وبعدو حيموّتونا».. جوع وكفر وذل وفقر وطوابير طويلة.. من المتراصين أمام المصارف أو محطات المحروقات أو السوبرماركت أو الأفران... و»بعدكم عم تتأملوا بحكومة إنقاذ؟!»..