هي صورة قد تقشعرُّ لها الأبدان.. حيال مستوى الانحطاط الذي قد يصله بعض الناس.. سواء تكبّرهم أو تعجرفهم أو انتقاصهم من قيمة مُطلق مخلوق.. فكيف لو كان إنساناً مثلهم له كل الحقوق.. ولكن شاءت الأقدار أنْ يكون في موقع ضعف في مواجهة «تسونامي انعدام أخلاق»..
صورة عايشتها واستفزتني بل استنفرتني.. وكادت أنْ تتسبّب بإشكال في أحد الأفران البيروتية الراقية.. سيدة من الـNouveau Rich حتماً.. تتبضّع ممّا لذَّ وطاب من مخبوزات وحلويات.. وتناقش على الأسعار بل تتباكى من شدة الغلاء.. ومتى بلغت الصندوق وفيما الموظّفة تواصل حساب الطلبية.. ونتيجة للكمية الكبرى.. احتاجت الموظفة للقليل من الوقت الزائد.. فما كان من تلك «المتعجرفة» إلا أنّ صاحت: «Ouf العمى كل هالقد بدّك حتى تخلّصي طرق على المكنة»..
صراخها استرعى انتباه كل مَنْ في المكان.. فاقترب مدير الصالة منهما وسأل عمّا يجري.. فإذ بـ»الشمطاء» تقول: «إذا ما عندكم موظّفين متل الخلق ليه تفتحوا أكتر من فرع؟!».. أجابها المدير: «عفواً مدام حقّك عليي.. خير شو في؟!».. كرّرت: «موظّفتكم متل الزلحفة.. إنو العمى بقلبا شو بطيئة».. عندها قال المدير: «يا ريت يا مدام تضلّي ضمن إطار الأخلاق.. الموظفة إذا بطيئة ما غلطت بحضرتك»..
فردّت عليه: «شو عم تعلّمني شو بدّي إحكي؟!».. حينها فاض كأسي وتدخّلت قائلاً: «أنا صار إلي ساعة عم إسمع فخامتك إنتِ وعم تحارجي على الأسعار.. تهيني بهيدا وتبهدلي بهيداك.. على الأقل إذا معك مصاري كتير كوني محترمة قد شوية مصاري.. الموظّفة ما غلطت فيكي ولا بغيرك ولا تأخّرت.. بس إسم الله عليكي إنتِ شارية نص المحل»..
فإذ بها تُجيبني بعبارات نابية أقل ما يُقال بأنّها كشفت المستوى السوقي لتلك السيدة.. وتعاليها على خلق الله بسبب أو من دون.. حينها تضافر معظم الزبائن في جبهة واحدة ضد «الزبونة الشريرة».. فما كان من المدير إلا أنْ تنفّس جرعة من القوةّ وقال: «يا مدام المحل متلان إذا بتريدي كمّلي غراضك».. فكالصوص المرمي في سطل ماء قالت: «خلّصت وفالّة.. الله لا يسامحكم شو همج»!